الجمعة، 13 سبتمبر 2019

دعوات القلوب بقلم ا.د/ محمد موسى

"من مذكرات أستاذ جامعي"

"  دعوات القلوب  "

قد يظن البعض أن كلمات ودعوات الكبار للأبناء قد تصيب وقد لا ، وأن طاعة الأباء والأمهات ليس لها مردود مستقبلي ، وفي كتب كل الأديان حث للأبناء على كمال الطاعة لهما ، وفي الدين الإسلامي إهتمام خاص يجعل حتى القول (بافٍ)ٍ منهي عنه ، وتتعجب فتجد الشواهد أمامك تؤكد لك أن كل ناجح في حياته ، كان من وراء هذا النجاح دعاء والدين كان قد أحسن لهما في حياتهما ، وأتذكر قولاً لزوجتي كانت تقول رغم هذه الحياة الرغدة التي نعيشها ، فكنت أقول لها دائماً أني أدخر من دخلي لكثرته ، وتقول لي من يفعل مثلك في هذه الأيام ، فكنت أقول لها ، هذا فضل دعاء أمي وأبي لي ، وكتبت كثيراً أدعية كانت أمي رحمة الله عليها تدعو لي بها ، وأذكر لما جاء لي تليفون من القاهرة الساعة الثامنه صباحاً بتوقيت فرنسا ، حيث كنت أدرس الطب هناك ، وكان عمري عندها 18 سنه أن إحضر فوراً ، فقد قلب سائق سيارة أبوك السيارة وماتت أمك ومات أبوك ، وقلت لهم لا تدفنوا أمي وأبي حتى أحضر وحضرت الساعة الرابعة عصراً وكشفت وجه أمي فكانت تبتسم ، ودفنتهما بعد الوعد لهما بأن آخر من سوف يستمتع بالحياة سيكون أنا من بعد أخواتي ، وكان لي ثلاثه أخوه بنتان وولد وهم أصغر مني بكثير ، ونجحت بل وتفوقت وحصلت على أعلى الشهادات العلمية ، من أرقى الجامعات في العالم ، ونجح الأخوة وسعدت حياتهم ، ولم أتزوج قبل أن تزوجوا جميعاً ، والفضل كل الفضل لدعاء من ألزمنا الله بالطاعة لهما في حياتهما ، ولكن لماذا أكتب هذه الذكريات  الأن ؟ لاني كنتُ في دعوة عشاء خارج بيتي وفي بيت أستاذاً زميل فاضل في الجامعة ، يسكن مثلي في مصر الجديدة ، في بيت ومعه في كل دور بالبيت أخ أو أخت ، وكذلك الأم والأب في إحدى الشقق ، قالت لي السيدة زوجة الأستاذ المضيف ، أنني كنتُ قد قرأتْ لك يا دكتور من سنوات قصة بعنوان دنيا بلا دين ، تروي القصة حياة عائلة يعيشون معاً في بيتٍ واحد مثلنا ، إلا أن أحد الأبناء والذي يسكن فوق شقة الأم والأب مباشرةً ، قد منعته زوجته من زيارتهما ، وفي مرة قالت الأم لأحد أبناءها الذي يواظب على الحضور والسؤال عن الأب والأم ، أن أخوك قد أوحشني ، فقال لها الإبن سوف أأتي به لكِ الليلة ، وسأل عنه حارس العقار فقال له لم يحضر بعد ، إنتظره في الشارع حتى حضر ، وطلب منه أن يصعد معه لأمه وأبوه قال له ليس اليوم ، وأقسم عليه ولكنه قال غداً أفعل ، والح عليه الإبن أن يأتي ولو لدقائق ولكنه رفض ، ولما صعد الإبن ليعتذر عن عدم حضور أخوه اليوم ، كان الأب والأم يتحاوران معاً ، فقال الأب سوف أتركك معه لتشبعي منه حباً ، وأدخل أنا غرفتي وكأني زعلان ، ثم أخرج وأأخذه بالأحضان وأمطره بالقبلات ، ورن جرس الباب فأسرع الأب لغرفته ، ولكن جاء الإبن ليقول لأمه سوف يأتي غداً ، ولم يتمالك نفسه وخرج وأغلق الباب ، دخلت الأم غرفة الأب وصعدت على السرير وطلبت شربة ماء والدموع في عينها ، وذهب الأب ليحضر كوب ما ، ولما دخل عليها بالماء كانت قد فارقت الحياة ، ولما سمعتُ من السيدة المضيفة صاحبة البيت هذا الكلام ، وضعت الملعقة والشوكة التي بيدي  ، وتوقفت عن الطعام فقد فقدت القدرة على تناول الطعام.

♠ ♠ ♠ ا.د/ محمد موسى

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق