الجمعة، 13 سبتمبر 2019

البداية والنهاية بقلم ا.د/ محمد موسى

♠ ♠ ♠ ♠ القصة القصيرة ♠ ♠ ♠ ♠

♠ ♠ ♠ البداية و النهاية ♠ ♠ ♠

♠ ♠  عاشت حياة كلها سعادة أو قل خالية من المشاكل والأحزان ، حتى عندما فقدت الأم ثم الأب لم تشعر أبداً بالغربة لوجوده معها ، ولوجود أبناءها الذين كانوا السند والمعين مما سهل عليها الأحوال ، وكانت رغم تجاوزهما السبعين من العمر ، كثيراً ما تترك غرفتها إلي غرفته وتأوي إلي فراشه بجانبه وتقول له إشتقت إليكَ ، وظلت الأيام تدور بينهما هكذا ، وعبروا بالأبناء السنين حتى تم زواجمها ، ودائماً عندما يأتي الأولاد والأحفاد في نهاية كل أسبوع يمتلىء البيت بالضجيج المحبب للنفس ، وفي بعض الأوقات تقول له تعالى نذهب إلي النادي  ، فيعتذر لحبه في البقاء في البيت وبين كتبه حيث يجد السلوى ، وكان هذا يضايقها أن تذهب إلى النادي منفردة ، وكثير ما كانت هي التى تأتى له بكل طلباته ، حتى أنها كانت تقول له ماذا سيكون حالك لو لم أكن موجودة ، وكان يبتسم ويقول لها ربنا لا يحرمني منك ، وإذا وضعت له الطعام أو أتت له بدواء كان قوله دائماً لها شكراً
يا هانم لا حرمني الله منكِ ، وفي يوم من الأيام وكما أن بقاء الحال من المحال ، رحل وأصبح البيت حولها فارغاً من الحياة أو هكذا هي شعرت ، ولم تكن تجد لها متعة إلا بالوقوف طويلاً أما صورته الكبيرة والجليلة في بهو البيت ، وخفت أرجل الزائرين والغريب أنها فقدت الرغبة في الذهاب إلى النادي التي كانت تسعد بالذهاب إليه وكانت تلومه لعدم مصاحبته لها ، وأصبحت تقول لنفسها وكأن الدنيا كانت لي هذا الرجل ، فلما ذهب ذهبت الدنيا معه وأصبحتُ أشعر بالغربه بدونه ، ما هذا الرجل الذي كان لي كل الحياة ، ووجدت أن كل شىء حولها قد تغير برحيله وأصبحت تترحم على أيامه ، والغريب أنها تركت غرفتها وكانت تنام في غرفته وفي سريره وتقول لمن يسألها ، أنا أأنس بالنوم في فراشه وأستشعره معي ، أصبحت الأيام بطعم غير الطعم الذي كانت عليه وهو في الحياه معها ، وقد جاءتها مرة جاره لها وأخبرتها أن إبنتها في خلاف دائم مع زوجها ، وتطلب من أبيها أن يطلقها من زوجها ، نظرت إليها وسألت فقط سؤال كم عمر زواجها منه قالت عامان ، قالت فقط عامان وتطلب الطلاق ، وأنا بعد زواج أكثر من أربعين عاماً ، أشعر بالغربه بعد أن رحل زوجي ، ماذا أسمي هذا الزمان ، أو ماذا أسمي سكان هذا الزمان ، المرأة فيه تنظر للزواج على أنه تجربة ، وكذلك الرجل ، ويصبح من السهل فك الرباط الغليظ بينهما ، وظلت تهز رأسها وتتسأل عجيب هذا الزمان ، ولا جواب عندها إلا سبحان مخير الأحوال ولا يتغير.

 ♠ ♠ ♠ ا.د/ محمد موسى

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق