الأربعاء، 18 سبتمبر 2019

الزلزال بقلم ا.د/ محمد موسى

" من مذكرات أستاذ جامعي "

" الزلزال "

      قد يتعجب البعض من أن هناك مشاعر تنام في عمق الإنسان ، لا ييقظها إلا حدوث زلزال فجأةً ، علماً أن الزلازل هي تدمر وتقتل كل شىء تضربه ، إلا المشاعر الإنسانية الحقيقية ، فالزلازل هي تبقيها قائمة وتخرجها من ثباتها ولا تدمرها ، أي أنها تعمل على إيقظها من النوم لتعيش الحياة ، وتتفاعل معها وتعطى وتأخذ ، فتعطى للحياة اللون والطعم والرائحة ، وتأخذ من الحياة ما بها من مرارة ، وتعيد صياغة الآشياء عندها حتى وتعيد تسمية آسماء هذه الأشياء ، وتصبح عندها مقبول ما كانت قد ترفضه ، وترفض ما كانت قد تقبله ، ويصبح لمسمى الموت معنى آخر ، ولمعنى الحياة إسماً آخر ، وتخرج من النفس بعد المعاناة إبداعات تقترب من الخوارق ، وقد يسأل الإنسان نفسه أين كانت ؟ فيكتشف بعد قليل أنها كانت نائمة في داخله ، إنتظاراً لزلزال يقظها ويخرجها للحياة ، هذا الكلام قد عشته من بعد زلزال موت أبي وأمي وعمري 18 سنه ، وكنت أدرس الطب في فرنسا يوم أن جاء لي تليفون من القاهرة أن احضر فقد توفيا والديك 'عاً بالأمس ، وحضرت وبدأت مسيرتي مع الحياة ، هذه المسيرة تجعلني كلما نظرت إلى الخلف ، تسأل أين كانت تختبئ هذه الأيام ، والتي أخرجت مني ما أنا أعيش به اليوم وكأن أقدر الله التي نعيشها تحمل كمال الرحمة التي كثيراً ما لا يدركها كل منا ، ويعتقد أنه قد نزل به منتهى البلاء ، وينسى أن الله رحيمٌ بعباده

♠ ♠ ♠ ا.د/ محمد موسى

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق