الجمعة، 7 أبريل 2017

    القصة القصيرة    
   مين يشتري الورد مني   
  الحياة تحتوي على قصص ، مهما أبدع خيال كاتب فهو لم ينسنج مثلها ، وقصتنا الليلة قد تتشابه مع أخريات في بعض الأحداث ، إلا أنها تنفرد عن غيرها في بعض المواقف ، ففي بيت بسيط يعيش رجل يعمل فراشاً في إحدى المكاتب التجارية وهذا الرجل له زوجة وخمسة أبناء ، بنت كبيرة تمتاز بجمال لا يمكن أن تخطأه العين أنوثه واضحة سببت لها الكثير من المشاكل ، في المدرسة أو حتى في الطريق ، ولكنها لا تشعر بها فهى تعيش في بيت صغير ، وليس لديها خزانة ملابس فهي تعلق ما لديها من فستان وبنطلون وبلوزة على مسمار على حائط الغرفة التي تنام بها مع باقي الأخوات والأخوه ، حتى ملابسها الداخلية القليلة هي أيضاً على الحائط معلقة ، أنهت فوراً الأن دراستها وحصلت على دبلوم تجارة ، وعادة يكون هذا طريق مختصر للخروج بسرعة الي سوق العمل ، تنفس الأب الصعداء فقد ذهب عنه حمل أحد الأبناء ، والأن سوف تعينه على تربية باقي الأبناء ، وفوراً ذهب الي صاحب الشركة التي يعمل بها ومعه صورة الشهادة الدراسية للإبنه ، وتوسل اليه أن يعينها معه في الشركة حتى تكون تحت عينه ، إبتسم صاحب الشركة ، وطلب منه إحضار الإبنه لمقابلته ، فرح الأب بشدة ، ولما عاد الي البيت طلب من الإبنه أن تحضر نفسها لمقابلة صاحب الشركة ، وهنا كانت المشكلة فليس هناك ثياب لديها تليق بالمقابلة ، أو بالعمل في الشركة ، إلا أن الأم قالت لها ، مفيش مشكلة ، تعالي معي ، وأخذتها الي محل بيع الذهب ، وباعت ما في أذنيها من حلق ، وذهبت بالبنت الي سوق لبيع الملابس الشعبية ، وقالت لها تخير فستان وحذاء ، ولكن إنتبهي فنحن لا نملك من المال الكثير ، فعلاً إشترت البنت لها فستان وحذاء ، ولاحظت الأم أن الجميع ينظر الي البنت نظرات لا تخطأها عين المرأة المجربه ، عادوا الي البيت والإبنه فرحة ، ونظر الأب الي أذن الأم فعرف من أين جاءت بالنقود ، وفي الغد إرتدت البنت ملابسها وكأنها أميرة كأميرات الحكايات ، التي كنا نقرأ عنها في الكتب ، وذهبت في الصباح الي الشركة مع أبيها ، ونظر الموظفين اليها ، وقال بعضهم معقول كل هذا الجمال عند عم أحمد الفراش ، وعندما دخلت مكتب صاحب الشركة طلب من عم أحمد أن يحضر لها عصير ، وأيضاً شعر صاحب العمل كم هي جميلة ، وجمالها غير ذلك الجمال الذي يحتاج الي مكملات ، من مكياج وأفخر العطور الفرنسية ، حتى يشعر بها الأخرين ، ولما إنتهت المقابلة طلب منها أن تنتظر في غرفة السكرتيرة ، وطلب الأب ، ولأول مرة قال له إجلس يا عم أحمد ، تعجب الأب ولكنه كان متلهفاً لمعرفة رأي صاحب العمل فيها ، وقال له بدون مقدمات ، عم أحمد أنا أريد الزواج من إبنتك ، لمعت عين عم أحمد من المفاجئة ، وقال إحنا نطول يا سيدي البيه ، قال له قبل أي شئ يجب أن تعلم أني رجل لا ينجب أولاد ، أجريت تحاليل في كل العالم ، وأخذت جميع الأدوية ولا نتيجة ، أرجو عرض هذا الأمر عليها وعلى زوجتك ، وإذا وافقت فإني سوف أمهرها ب 100 الف جنية أدفها لك فوراً ، وأكتب لها مؤخر 100 الف جنيها مثلها ، ولا أريد منك أي تجهيز لها ، فأنا لدي فيلا فاخرة ، وسوف أأخذها بما عليها من ملابس ، وأترك لكم أسبوع للتفكير ، ولما عاد الأب الي البيت ومعه إبنته ، ولم يتكلم طوال الطريق كلمة وأحدة ، فهو كان مشغولاً بنتيجة هو وصل اليها ، أن هذا العرض لا يرفض ، ولكن ما قول الإبنه والأم ، أخذ زوجته في ركن البيت وأخبرها ، وقال لها قبل أي قرار منك ، ضعي أمامك 100 الف جنية ، لن نصرف منهم شئ على أي جهاز أو حتى ملابس ، هذه النقود تعيننا على العيش الكريم ، وتربية الصغار ، قالت الأم قبل أي رأي لي أو لك نسأل البنت ، وأحضر الأب البنت وقال لها أن عمرك الأن 18 سنه وهناك عريس متقدم لكِ عمره 36 سنه أي ضعف عمرك ، وهو رجل شريف وصادق ، حيث قال لي أنه لا ينجب وطلب رأيك علماً بأنه سيمهرك ب 100 الف جنية مقدم ومثلهم مؤخر ، ولا يريد جهاز ولا حتى ملابس لكِ ، فسوف يتكفل بكل شئ وهو يملك فيلا ، وقالت لها الأم هذا عرض لا يرفض ، ولكن هل تصبري على عدم وجود أولاد ، فجأة صرخت الإبنه وقالت أأتي أنا بأولاد ويعيشون كاعيشتنا ، أو ُأحرم منهم وأعيش حياة سعيدة ، يا أبي من دون أن أعرف من هو ، أنا موافقة ، قال لها الأب إنه عاصم بك صاحب الشركة ، قالت أنه رجل مهذب أنا موافقة ، وتم الزواج وذهبت الي بيت زوجها ، وبصبر منه معها عودها على حياتها الجديدة ، التى لم تكن متعودة على مثلها ، كانت تعلم أنه إشترى جمالها للمتعه بها فقط ، لذلك كانت لا تقصر في إبراز جمالها له ، وسكب جمالها له كل ليلة بسخاء ، وهي تعلم أنها لن تحصل على ما تتمناه كل إمرأة وهي في فراش زوجها ، أن تكون أماً ، فهي قد قرأت أن الزوجة وهي مع زوجها ، تصرخ بصمت وتقول إمنحني أمومه ، إلا أنها كانت تقول لا يأخذ الإنسان من الدنيا كل شئ ، فأنا بحياتي هذه راضية ، ومضى الوقت فإذا الأمومه في داخلها تصرخ ، كأي أنثى ، وهي في كل مرة تسكت هذا الصوت الآتي من داخلها ، حتى رأت الخادمة التي دخلت معها البيت لخدمتها ، وقد تزوجت وأنجبت ولد وبنت ، فإذا هي تتحصر من داخلها كلما رأت الأبناء يتعلقان بزيل ثوبها ، وفجأة سألت نفسها سؤال ، يا ترى من أسعد حالاً أنا أم هي ، ونزلت من عينها دمعة ، عندما تذكرت أخواتها وقد تغير حالهم ، وبيتهم ولبسوا نظيف الثياب وسكنوا في بيت خارج الحارة الكئيبة التي كانوا يعيشون فيها ، هنا حاولت أن تعيد التوازن الي نفسها ، وقالت الكلمة التي دائما ترددها ، الدنيا لا تعطي للإنسان كل ما يشتهي ويريد.
   ا.د/ محمد موسى

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق