الجمعة، 21 أبريل 2017


انت صفحة من التاريخ 
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د.صالح العطوان الحيالي
 إن الواحد منا عندما يقرأ في كتب التاريخ ليرى عجباً، إنه صفحات لأشخاص قاموا بأعمال فكتبها الناس عنهم وفي كثير من الأحيان، لم يعلم أصحاب تلك الأعمال بما كتب عنهم، بل لعل بعض تلك الصفحات كتبت عنهم بعد وفاتهم بسنين عديدة. إنك أيها الرجل وأنت أيتها المرأة صفحة في التاريخ والناس سيتكلمون عنك بالخير أو الشر شئت أم أبيت، فأنت تصنع لك تاريخاً، هو أعمالك هو أقوالك هو إنجازاتك هو تاريخك المضيء أو الأسود. إنك صفحة من التاريخ سواء كان ذلك التاريخ مكتوبا،ً في الدواوين والكتب، أو شفهياً فتناقله الناس في المجالس والمنتديات. إننا نقرأ عن فلان أنه كان كريماً جواداً يحب المساكين، فيا ترى هل علم وهل قصد أن ينقل الناس خبره وأعماله؟
 لا أظن ذلك في الغالب. وتلك المرأة ينقل الناس عنها قصة في عنايتها بحجابها ومحافظتها على عفافها فهل تظن أنها طلبت منهم كتابة تلك الصفات عنها؟ لا أعتقد ذلك. إذن أنت صفحة من التاريخ ، إن حياتك وأعمالك البيضاء تاريخ مشرق ضمن سيرتك العطرة. فما أجمل حياة أولئك الذين كتب التاريخ حياتهم وأعمالهم وأقوالهم، وكم صنعوا للأمة مجداً عملياً، وكم أناروا ولا يزالون قدوات تنير للأمة الطريق. فـأنت صفحة من التاريخ، إنها السيرة الصادقة المخلصة تضع بصمتها على صفحات التاريخ، فتُكتب الأعمال وتكون سبباً لحياة أجيال قادمة. والتاريخ المجيد هو تراث للجيل الجديد، وسبباً من أسباب الارتقاء والازدهار. فيا فوز من كان هو التاريخ الصادق، وهو النموذج المتميز في عقيدته وسلوكه وعمله وعبادته. إنه التاريخ الذي سينفع الأجيال القادمة وسيظل نوراً في سماء الحياة. فيا أيها الرجل ويا أيتها المرأة، لنوقن أننا بأعمالنا نكتب تاريخاً لأنفسنا، بل ولأمتنا، فهل سيكون لنا تاريخ أو سنكون فراغاً عاش على الأرض. ولننظر في صفحات التاريخ المشرق لنرى كيف كان هذا التاريخ؟ لنبدأ بسير الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام كيف صنعوا تاريخاً من الدعوة والتضحية والبذل والصبر حتى حصل لهم ما يريده الله منهم " البلاغ المبين ".
 ثم انظر لتاريخ الصحابة رضوان الله عليهم كيف سطروا على صفحات التاريخ صور الجهاد والتضحية، من أجل نصرة هذا الدين. لقد كتبوا بدمائهم أروع كلمات المجد، فهذا هو التاريخ وإلا فلا.
وإذا كانت النفوس كبارا *** تعبت في مرادها الأجسام
 ولا زلنا نقلب كتاب التاريخ فنصل إلى عهد الأئمة والعلماء الذين تميزوا بعلو الهمة في طلب العلم وتعليم الخلق، فهذا يرحل على قدميه من دولة إلى دولة لأجل العلم، فعجباً له. وهذا يسهر على الحديث ويستيقظ عشرين مرة ليكتب فائدة " سنحت له "، فأي رجل هذا؟ وهذا يموت في السجن لأجل كلمة الحق وهذا يُجلد، وهذا يُطرد....إنهم صناع التاريخ المجيد، وكُتّاب الحياة الصادقون، لقد رفع التاريخ ذكرهم، وأعلى شأنهم..إنهم صفحات بيضاء في التاريخ العلمي..وهناك جانب مظلم في التاريخ إنه الكفر والفجور والعصيان، وأهله هم سواداً في كتب التاريخ، وظلاماً في عالم الإنسانية، إنهم بأعمالهم السيئة صفحة في التاريخ ويا بؤس ما صنعوا لو كانوا يعقلون...
 فانظر إلى الأمم التي كذبت الأنبياء والرسل، ماذا جرى لهم من عقوبات وويلات، بل انظر إلى التاريخ ماذا كتب عنهم؟ إنهم صفحة من التاريخ، وما أسوأه من تاريخ...ثم طالع سير الطغاة والظلمة على رأسهم فرعون وقارون وهامان، وتأمل ماذا صنع الله بهم، لترى كيف كان تاريخهم؟
 وانظر في تاريخنا المعاصر لترى ماذا كتب التاريخ عن اليهود والنصارى والروس والهندوس والبوذيون، وبوش وشارون وطغاة العصر، وغيرهم من رؤوس الكفر والضلال، إنهم أئمة الكفر والطغيان.... (وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار ويوم القيامة هم من المقبوحين) ..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق