الخميس، 11 يوليو 2019

مصر بين المطرقة والسندان .. وظهور السيسى فى هذا العصر والأوان مقال للدكتور محمد البكري

مصر بين المطرقة والسندان .. وظهور السيسى فى هذا العصر والأوان !!
!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
المخاطر التى تهدد مصر الآن لها جذور أعمق فى تاريخها الحديث .. وكان البدء بالمرحلة الناصرية التى توجه فيها ناصر للبيت السوفيتى والكتلة الشرقية فى ظل الحرب الباردة التى تجلت فى أعقاب الحرب العالمية الثانية
فى تلك الآونة تغلغل الفكر الاشتراكى بين الشباب تأثرا بتوجهات الدولة وحزبها الوحيد بين الجماهير فيما عرف بالاتحاد الاشتراكى .. وعاش المصريون اجواء تأميم ممتلكات الباشوات أراضيهم ومصانعهم وشركاتهم ومؤسساتهم وقصورهم وحتى مجوهراتهم التى اقتنتها نساءهم وصور أخرى كان تشى بأن القرارات أحذت منحنى تصفية حسابات شخصية واستعلان عن تنفيث غضب مكبوت على من كانوا يمتلكون ناصية الأمور فى المملكة المصرية .
____________________
تلك الأجواء التى استثارت حمية الجماهير التى يذكى تأججها اعلام موجه انتهت بهزيمة عسكرية مريرة سنة 1967 م واحتلت سيناء .. وبدء المصريون يتساءلون عن حجم الخديعة وأوهام العظمة التى تعرت فجأة لتظهر حجم التخوخ الذى أصاب المجتمع ..
وتولى السادات الحكم ليستلم بلدا مهزوما عسكريا ومنهارا اقتصاديا متهالكا خدميا .. فلا بنية تحتية تليق ولا طرق ووسائل مواصلات ولا تعليم جيد ولم يكن أمامه غير تكريس كل طاقات المجتمع لمحو آثار الهزيمة واستعادة الأرض حتى يستطيع البدء فى تعمير الخراب الذى أصاب اقتصاد البلاد ومؤسسات المجتمع .
____________________
وانتصر السادات .. ووضع البلد على توجه جديد ليتجاوز الخراب كما تجاوز الهزيمة .. الخراب الذى خلقته التجربة الإشتراكية وبدأت جهودة تؤتى ثمارها ، ولكن بلادنا كانت على موعد مع الفجيعة واغتيل بطل الحرب والسلام .. ليتولى من شارك فى اغتيالة مقاليد الأمور ، واستطاع مبارك بجدارة وعلى مدار ثلاثين عاما أن يسحق تطلعاتنا الى مستقبل أفضل وقد غدت مصر عزبة فى يد جمال وعلاء وسوزان والأصدقاء المقربين الذين امتصوا دماء الوطن وحرموه من ثلاثة عقود كان من الممكن أن تمثل وثبة الى آفاق أرحب نحقق فيها تطلعاتنا المشروعة فى نظام ديمقراطى حقيقى واقتصاد يقوم على أسس ، وجيش متطور يحقق للبلاد أمنا وحماية
وأجبر مبارك على التنحى حين صار ابنه جمال قاب قوسين أو أدنى من كرسى الرئاسة لتبدأ مصر حقبة جيدة .. بدأت بخراب مصطنع .. يهدف الى إسقاط مصر للمرة الأخيرة فى تاريخها بحسب ما كان مخطط له .. فمبارك وأسرته ورجاله فى كل مكان كانوا مصرين على تنفيذ خطة ( يا أنا .. يا الفوضى )
_____________________
ثم حكم الإخوان فى توقيت لم يكونوا مؤهلين فيه للحكم .. وايضا لم يكن المجتمع مؤهلا لتقبل فكرة أن يُحكم بالدين .. ظلموا أنفسهم وسرعان ما تواروا عن الأنظار وكأن العام الذى حكموه كان حلم ليلة صيف وانتهى
______________________
وجاء الى سدة الحكم الرئيس عبد الفتاح السيسى .. ليواجه الخراب والانهيار والتفسخ المجتمعى وحربا أهلية وشيكة وفتنة طائفية تتفجر فى كل مكان وتنظيمات مسلحة بالداخل وعلى الحدود . لا مؤسسات ولا سياسات ولا خطة لإعادة البناء .. شوارع غير آمنة ، وأمن داخلى منهار ومجتمع يسيطر عليها البلطجية وجيش قاب قوسين أو ادنى من الانهيار والتحلل . مشهد يبعث على اليأس ومناخ يستحيل ان يتولد فيه الأمل ، وشعب غير مؤهل ولا راغب فى بناء بلاده
______________________
لم يكن أحدنا يتصور أن السيسى سيحقق نجاحا ويثبت أركان دولة ويبعد شبح الحرب الأهلية والفتنة الطائفية ويعيد بناء جيش كان قد تحلل تقريبا وداخلية تم كسرها وحرق مقارها واختراق كل مستوياتها وكوادرها القيادية .
_____________________
والحقيقة أننى وبشكل شخصى يبهرنى صبر وذكاء وقوة إرادة هذا الرجل البسيط الذى وُلد ونشأ فى حى الخرنفش  الشعبى البسيط من عائلة متواضعة من عموم هذا الشعب العجيب الذى لم تتوقف أرحام نسائه عن انجاب القادة ليظهروا فجأة وفى أحلك الظروف ليغيروا مسار أمة كانت تنزلق الى الهاوية فيعكس اتجاه المنحنى الى الأعلى .
وطبيعة الأشياء تؤكد عبر تاريخ البشرية أنه فوق إمكانية فرد واحد أن يجرى هذا التحول المثير للدهشة والباعث على الرجاء .. فمن المؤكد أن المطبخ السياسى الذى يحاوطه له دور رئيس لتحقيق تلك المعادلة الصعبة .. لكن يظل القائد دوما نجما يعلو يحرك الهمم ويقوى العزائم ويلهم الآخرين .. فالمعارك متعددة ومتشابكة ومعقدة .. نحن مطالبون ببناء جيش وتحقيق أمن مجتمعى واصلاح اقتصادى وترسيخ فكرى ونفسى لقيم بها تتضافر الأمانى والأحلام لعبور بحر الظلمات الذى غشى وطنا كان قاب قوسين أو أدنى من الاختفاء ، والنيران التى التهمت معظم الدول المجاورة تخرج السنتها بغية احراق كل شبر فيه !
______________________
* فى تلك السطور القليلة استعرضت ما جال بخاطرى عن مسيرة مصر منذ فجر الخمسينات وحتى اليوم .. وهنا استوقفنى سؤال يبعث على الرهبة والخوف !!!
هل سيُترك السيسى ممسكا بالدفة ليخوض بسفينة الوطن هذا البحر اللجى ودواماته القادرة على اغراق  كل ما يتحرك على سطحه الهادر بالأمواج .
ومن هم أصحاب المصلحة فى اعطاب سفينتنا لتغوص الى القاع ، وتصبح غنيمة للقراصنة والمغامرين الباحثين عن الكنوز الغارقة .
* يا سادة :
ليست أمريكا هى اللاعب الوحيد وخصوصا على أرض مصر الزاخرة بعملاء الاستخبارات الروسية والتشكيلات العصابية التى تمتد جذورها الى الحقبة الناصرية
والتوجهات الإشتراكية والخلايا الشيوعية التى ارتدت كل الأقنعة ودلست على كل العقول ..
وها هو العالم من حولنا يعود الى حقبة الحرب الباردة من جديد .. فى ظل تعاظم قوة التنين الصينى .. وانتفاض الدب الروسى من أسفل ركام الجليد .
* ومصر ستظل حلما للديناصورات الأسيوية التى ستتحرك قريبا فى اتجاه الشرق لتلتهم شرقنا الأوسط .. وهذا لن يكون إلا باسقاط مصر فى حبائل الشيوعية من جديد لتكون نقطة الوثوب الى القارة السوداء جنوبا و المغرب العربى وسواحل المحيط الأطلسى لتهديد جنوب أوروبا .. والسيطرة على البحر المتوسط ، فى توقيت سيعلن فيه الروس عودة الاتحاد السوفيتى واستعادة حدوده الجغرافية السابقة ببطن القارة الأوروبية قبيل اندلاع الحرب العالمية الثالثة .
فماذا نحن فاعلون ؟؟؟
وللحديث بقية ....
_____________________________________________
* ( منظمة قبول الآخر لحقوق الإنسان
ــــ المركز القومى للدراسات الإستراتيجية والأمنية السياسية د/ محمد البكرى )

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق