السبت، 20 يوليو 2019

المخابرات الروسية قبل وبعد إيفان الرهيب ولليوم ( جهاز مؤامرات واغتيالات وخراب مقال للدكتور محمد البكري

الجهاز الملعون K . G . B ( سلسلة مقالات للدكتور محمد البكرى )
المخابرات الروسية قبل وبعد إيفان الرهيب ولليوم ( جهاز مؤامرات واغتيالات  وخراب )
!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
--------------------  ( المقال الأول ) ----------------------------

* الجاسوسية الروسية ثم السوفيتية فيما بعد مدرسة مستقلة عن المدارس المعروفة فى العالم .. ورغم انهيار الاتحاد السوفيتى فما تزال أسرارا كثيرة محجوبة عن العالم
وهناك بالطبع تباين كبير فى تناول الأسرار بين المخابرات الأمريكية والروسية .. فأمريكا كدولة تقدس الحرية تسمح بتداول الكثير من الأسرار على الملأ إلا فيما يتعلق بأمن وسلامة الدولة وبعض الأفراد ،  بعكس مخابرات روسيا التى لا تعلن عن مؤامراتها التى أطاحت بأنظمة حكم فى بلاد كثيرة ، حيث تخضع مخابراتها لقادة الدولة المعدودين على الأصابع .. لذا استقينا معظم المعلومات من العملاء والمنشقين .
____________________________________

* من الأمور العجيبة والتى لا نكاد نصدقها ما أكده بعض المهتمين بأعمال التجسس  ، عن أن عدد الجواسيس التابعين للاتحاد السوفيتى حول العالم بلغ ربع مليون جاسوس فى حقبة الستينات وقت اشتعال الحرب الباردة .. والتى لم يتعد فيها جواسيس المخابرات الأمريكية المائة ألف جاسوس ..
* ولم يكن المال هو الدافع الأول لعدد كبير من عملاء الاتحاد السوفيتى ،  وكانوا ينخرطون تحت مسمى " جواسيس العقيدة "  .. ممن يعتنقون الفكر الشيوعى بديلا للدين ويظنون أنهم يقومون بأعمال جليلة لنشر الأمن والسلام فى العالم
* ودوما كان هم روسيا الأول هو الحصول على أسرار الأسلحة الإستراتيجية .. وبالطبع تطورت وسئل التجسس وبرعت أمريكا فى انتاج طائرات خفيفة تطير على ارتفاعات رهيبة ، وتصور أرض العدو ( المصانع الحربية - مصانع الأسلحة والذخيرة - السفن والطائرات - المواقع الاستراتيجية والقواعد العسكرية - والصناعات المدنية - وتحركات الجيوش ) ........ واعقب ذلك انتاج الطائرات بدون طيار - وأخيرا الأقمار الصناعية .
* وقد أنفقت أمريكا مئات المليارات من الدولارات لاختراق أسرار صناعة الأقمار الصناعية والصواريخ الفضائية الروسية .
وبالطبع كانت البحار والمحيطات مسرحا متسعا لعمليات التجسس والتنصت والتصوير .
* والحقيقة إن كان كل هذا التقدم فى وسائل التجسس ، لم يغن عن العملاء .. حيث احتدم الصراع على الأسواق وحصص التجارة وانتاج التقنيات التكنولوجية الحديثة والتى تتفوق فيها بعض الدول مثل ألمانيا واليابان والصين __________________________
* كثيرا مال روادنى هذا السؤال
& لماذ الروس مجرمون دمويون تآمريون يفتقدون الى الضمير بالفطرة ؟
واعتقدت  فى البدء أن غياب العقيدة الدينية هو السبب .. و كلمات جاجارين أول رائد فضاء يصل الى القمر ترن فى أذنى وهو يقول : ( صعدت الى القمر ولم أقابل الله .. لم أره فى السماء .. الله غير موجود )
* ربما يكون لهذا دور بالطبع .. لكن هناك عوامل أخرى لعبت دورا خطيرا فى هذا التكوين النفسى المريض للغاية .. فالجغرافيا الروسية ووجودها فى مناطق شديدة البرودة ذات شتاء مرعب .. جعل هدفهم الأسمى هو الاتجاه جنوبا وغربا للوصول الى المياه الدافئة .. فضلا عن وجود رغبة عارمة لدى سكان روسيا فى العديد من أعراقهم ،  للسيطرة على غيرهم من الشعوب وجعلهم تحت سيطرتهم كحق أصيل لهم .. علاوة على شعورهم بالاستعلاء والتفوق على الآخرين
_____________________
* وبالطبع لم تكن القوة العسكرية وحدها كافية لهذا .. وكان عامل الجواسيس هو الأهم فاستخدموه للوقوف على مدى استعداد الخصم عسكريا واجتماعيا وتعبويا للقتال ومدى قوة أسلحته وهل يفكر القادة فى البدء بالهجوم أم سينتظرون تقدم العدو
* وكان الأخطر من ذلك يتم على يد النشطاء الأذكياء من الجواسيس وهم يدخلون أرض العدو ليؤسسوا مراكز للتجسس يجمعون فيها المناوئين للسلطة ويشترون ضعاف النفوس لاستخدامهم فى نشر الدعايات المدمرة بين الشعوب لتحطيم روحهم المعنوية وجعلهم مؤهلين للهزيمة ..
* وكان المغول أحد الأعراق الروسية بارعون فى هذا .. حتى سحقهم سيف الدين قطز وجيوشه من مصر وسوريا والشام .
* كما برع الروس فى دخول بلاط الأمراء والملوك تحت دعوى دبلوماسية بهدف التجسس ، وايضا دفع جواسيسهم للقيام بعمليات تخريب وقت السلم والحرب لإثارة الذعر والاضطراب وانعدام الثقة .
________________________
* ومن الأشياء التى أثرت بعمق فى التركيبة النفسية للمخابرات السوفيتية وأكسبتها تلك الدموية المقيتة بداية تكويناتها الأولى فى العصور الوسطى وذالك الصراع الدامى بين الإقطاعيين والنبلاء وطبقات الشعب الأدنى خلال العصور الوسطى والتى لجأ خلالها القياصرة والنبلاء والاقطاعيين الى جهاز تجسس استخدموه لفرض سيطرتهم واختراق المناوئين ليخضعوهم للتعذيب والقتل بأبشع الطرق
* وفيما بعد سيجد المتأمل أن زعماء الثورة الروس أنفسهم تعرضوا للسجن والتعذيب مثل ستالين ., الذى أباد عشرين مليونا من الشعب الروسى .. وانعكس ذلك على سلوكه حين تولى رئاسة بلاده عام 1924 م ، وحول الدولة الى معتقل رهيب حافل بكل أنواع القهر والخوف والتجسس والإرهاب العقلى والفكرى واعدام اى شخص على أبسط وشاية
* وتعرض ايضا لينين الى السجن .. وبريا رئيس المخابرات الرهيب فيما بعد والذى صار مضرب المثل فى العنف والإجرام والقسوة وانعدام الرحمة .. حتى حين وصل هؤلاء القادة  للسلطة دمروا الرفاق وكبار المناضلين وتبادلوا الإبادة البينية .. وليس ما حدث ل " ليون تروتسكى " الذى اغتاله استالين بالخارج بالأمر الخفى وكان فى حياة  لينين أقرب المقربين اليه .
_______________________________
* المخابرات الروسية القديمة
"""""""""""""""""""""""""
* اول ذكر للمخابرات الروسية خلال تلعصور الحديثة كان جهاز أطلقوا عليه  " الأوبريتش نينا " ذو السمعة السيئة واللا إنسانية .. أسسه الدوق " إيفان " الذى وصفوه بالرهيب .. ففى عام 1565 م كان ايفان دوقا لموسكو وليسيطر على المدينة أسس هذا الجهاز المكون من ستة آلاف شخص يرتدون زيا أسود ويركبون خيولا سوداء وقد طرزوا على سروجها رسوما تمثل كلبا ومكنسة ، ليرمز الى احتقار المعارضين وإزالتهم من كل مكان ..
* كانوا يتصرفون مثل وحوش ضارية وكان ايفان الرهيب يهوى اعدام معارضية او نفيهم الى ثلوج سيبريا ليموتوا من البرد وكان يصادر أموالهم وممتلكاتهم ويشرد أهلهم حتى حتى لا يأتى من نسلهم من ينتقم منه .
* ومن مآثر هذا الجهاز الرهيبة إبادة معظم سكان مدينة " نوفجرود " بالذبح خلال 5 أسابيع .. واستمرت مذابحه بحق المعارضين 7 سنوات من عام 1565م وحتى 1572 م واعتلى ايفان عرش روسيا وسمى بإيفان الرابع أو ايفان الرهيب
وهكذا اقترن ذكر المخابرات الروسية بالرعب والفزع والدماء واللا إنسانية
________________________
* كان أول ظهور للمخابرات الروسية بمعناها الحديث فى القرن التاسع عشر عندما قام قيصر روسيا " الكسندر الثانى " بتأسيس جهاز سمى ب " الأوتشرانا " على غرار البوليس السياسى وفى نهاية القرن التاسع عشر ،  وبلغ عدد عملائه مائة ألأف يمارسون التجسس بطول البلاد وعرضها
& ولكن تمكن الثوار من اختراق هذا الجهاز بسهولة ونفذوا الى أسراره
* ولما كان للثوار تواجد فى باريس حيث معظم الفارين تم تأسيس فرع لل " أوتوشرانا " فى باريس كما تأسست مكاتب فى روما ولندن وبرلين .. وتمكن من توظيف عشرات الآلاف من العاملين بالمطاعم والفتادق والعمال والباعة الجائلين
* وبالطبع تصاعد نشاط المخابرات الروسية بعد قيام ثورة 1917 م فأسسوا ما سمى " لجنة الطوارئ لعموم روسيا " وكانت وظيفته تكرس لاختراق صفوف القوى المعادية ومنع أعمال التخريب ضد الدولة وتحجيم المؤامرات .. فقد كان هدف القوى المعارضة الأساسى هو تخريب المنشآت لإحداث اضطرابات داخلية واسعة لإسقاط الحكم وتدخل أجنبى فى البلاد ، واغتيال لينين وكبار قادة الجيش الأحمر وشن الحرب النفسية وبث الإشاعات .
_________________________________

# فى ظل كل هذا العنف والاضطراب نشأت المخابرات الروسية وأصبح لها سمات وأركان وصفات وأصبحت الصبغة الإجرامية تطغى على كل الصفات
وتوجد فى روسيا عدة مدارس لإعداد الجواسيس .. كل مدرسة تتخصص للتجسس على جهة بعينها .
* فمثلا توجد مدرسة لمن سيتجسسون على أمريكا .. وهى تقع على مساحة كبيرة جدا من الأرض أعدت باتقان شديد حتى بدت وكأنها قطعة من أمريكا .. نفس المبانى والمحلات ووسائل المواصلات وواجهات المطاعم .. ويتعامل الجواسيس بداخل المدرسة باللغة الإنجليزية وباللكنة الأمريكية حتى يصبحوا مؤهلين للعمل بأمريكا .
وبالطبع هناك مدارس خاصة بألمانيا وانجلترا والصين وفرنسا وغيرها وتظل الدموية والإجرام هى الطابع المميز لكل المدارس .
__________________________________
# ولا أود أن انهى مقالى الأول قبل ذكر حادثة اغتيال " تروتسكى "
الذى هرب من روسيا بعد سطو استالين على السلطة التى كان من المفترض أن تؤول الي تروتسكى .. ساعد لينين الأيمن ومحل ثقته ..
وفى المنفى الاختيارى الذى احتاره تروتسكى لنفسة بالمكسيك مع أسرته دخلت الى منزله فرقة الموت المكونة من عشرين قاتلا محترفا يرتدون ملابس الشرطة المكسيكية وأمطروا كل شبر بالرصاص .
والعجيب أن تروتسكى لم يخدش هو وزوجته حين استلقيا تحت السرير !
# فهل تتوقف المخابرات الروسية ؟
أبدا .. وتم الحاق شاب مهذب ومثقف يدعى ( فرانك جاكسون ) للعمل لدى تروتسكى الذى أعجب به وحاز على ثقته فى وقت قصير رغم حرصه البالغ فى التعامل مع الغرباء .
وفى إحدى أمسيات شهر أغسطس وتحديدا يوم 20 منه عام 1940 م وبينما تروتسكى خلف مكتبه يقرأ مقالا  دخل عليه فرانك جاكسون يخفى بلطة أسفل ملابسه وضربه على رأسه ليظل يصارع الموت 22 ساعة ، حتى فاضت روحه .
# هذا هو الجهاز المجرم  K . G . B  الذى سأفرد له عدة مقالات قادمة !
_________________________________________
* ( منظمة قبول الآخر لحقوق الإنسان
المركز القومى للدراسات الإستراتيجية والأمنية والسياسية د / محمد البكرى )

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق