السبت، 20 يوليو 2019

الأدب بين مطرقة الادعاء وسندان النقد مقال الأستاذ سيد غيث

(( الأدب بين مطرقة الادعاء وسندان النقد ))

.

معنى النقد في اللغةِ هو : تصنيف وتمييز الأعمال الأدبية بين الجيّدة والرديئة فهو الطريقة المثلى التي يتم التعامل من خلالها مع الأعمال الأدبية وتذوّقها وتقييمها نقداً وذلك لإظهار مظاهر الجمال في النصّ بشكل عامّ وتقييمها بشكل موضوعيّ يخضع لقواعد وقوالب وضعت من قبل علماء اللغة والبلاغة .. والتماساً لقوالب القصيدة ومهيتها وماتعارف عليها ان كانت القصيدة العمودية .. أو قصيدة مدرسة الشعرالحر .

فلولا وجود الأدب لما كان هناك نقد أدبي لأن قواعده مستنتجة من تواجد الأدب الحقيقي الذي يخضع الى قواعد وفكرومشاعر تخاطب فينا الأحاسيس .. لذلك  فإن الناقد الأكاديمي ينظر في النصوص الأدبية شعرية كانت أو نثرية ثم يأخذ بالكشف عن مواطن الجمال والقبح فيها معللاً مايقوله باتباع القواعد الداله على صحة العمل الأدبي من عدمه .. بمعنى أن العمل الأدبي اذا وضع تحت عدسة المجهر الأدبية وسلط عليه ضوء النقد الملتمس الى القواعد الأكاديمية أصبح جلياً أمام نظرالقارىء استبانة مواطن الضعف في العمل اذا كان مفتقر العمل الى آليات القواعد وخلى من الحبكة الابداعية الممثلة في ( لغة – وبلاغة – وموسيقى الشعرالعربي ).

وللعمل الأدبي فنيات للكتابة اذا خلا العمل الأدبي منها اصبحت مجرد خواطر لا تذكر ومنها:

(( الفكرة )) .. وهي مقاييس نقدية للحكم على عمل الكاتب والأديب من ابتكار وتقديم الجديد الذي يضيف ويفيد .

(( الاحساس)) .. وهو الدافع المباشر إلى كتابة العمل الابداعي وهي عنصر يحدد موقف الكاتب تجاه ما يقدمه من ابداعات باحساس صادق يدخل على جوارحنا فيطربنا .

(( الخيال )).. وهو لغة العاطفة ووسيلة تصويرها من ناحية الأديب وبعثها في نفس القارئ ليبحر معه في عالمه الرومانسي الحالم.

(( الايقاع )).. وهو الصورة الجمالية التي تتجسد بالكلمات لانفعالات النفس وعواطفها وينقسم الى ايقاع داخلي من سجع وجناس وطباق ومقابلة .. وظاهري يتمثل في موسيقى الشعر العربي وقوافيه.

(( اللغة )).. وهي الصورة اللفظية وبيان ما تنقله الصورة من حقائق ومشاعر فلابد أن تخضع لقواعد النحو والصرف ولا تخل بالبناء اللغوي .

والعمل الأدبي أحبتي هو صياغة هذه العناصرفي وحدة  بناء متكاملة للتعبيرعما يريد الاديب أن يقوله فوضعت هذه القوالب والقواعد فعند الالتزام بها يخرج لنا الأديب عمل في أبهى صور الابداع لنقف له في اصطفاف منبهرين ومصفقين وان خلا العمل من هذه الفنيات أصبح العمل مجرد خاطرة لا تذكر.فلا يجوز أن يطلق على صانعها لقب شاعر .. كون الشاعر لابد أن يمتلك أدواته التي ذكرت سلفاً لنلقبه ونلبسه تاج محلى ومزين بكل تبجيل واحترام كون الشاعر الحقيقي قلما تواجد في عصرنا الآني .

إذا كان النقد ضرورة من ضروريات الحياة لانستغني عنها مادامت تتطلّب التقدم ومحاولة البراءة من النقص فمن الطبيعي أن يتناول النقد جميع مقوّماتها  الأدبية  لعلّه يصلح ما فسد ويعين علي الترّقي بالذائقة الأدبية والابداعية .

وإذا استتقصينا مظاهر النقد الأدبي في تاريخ الأدب العربي وجدناها كثيرة ومنوّعة فنجد نقد لفظي واخر معنوي وثالث موضوعي.

ومن اللّفظي ما هو لغوي أو نحويّ أو عروضي أو بلاغي ومن المعنوي ما يتصّل بابتكار المعاني أو تعميقها أو توليدها أو أخذها ثمّ ما يتصّل بالأخيلة وطرق تأليفها لتصوير العاطفة، ثمّ العاطفة الصّادقة والمصطنعة ومن الموضوعي ما يليق بكلّ مقام من الابداع الأدبي يمكنك الرجوع إلي ذلك كلّه في (البيان والتبيين للجاحظ -  والموازنة للآمدي- ودلائل الإعجاز وأسرار البلاغة لعبد القاهر الجرجاني وحدائق السّحر للرشيد ) ولن تتّسع هذه الصفحات لايراد الأمثله لذلك فارجع إليها في مظانها المتعارف عليها لننهل من علم هؤلاء العلماء ونقف على ناصية الأدب العربي الجليل

فعلي الناقد الأكاديمي ألا يهمل في تبيين الهنات اللغوية والنحويّة التي تعين علي فهم عقلية الأديب وهل هو ممتلك لأدواته من عدمه .

وعليه أيضاً فهم المعاني المجازية أو التضمنيّة والإلتزامية التي تؤديّها العبارة بطريق الإستعارة والكناية أو تشيرإليها إذا كانت موجزة تكتفي بالإشارة والتلميح.

وأخيراً فهم قيمة كلّ جملة في ايضاح المعاني إذا كانت بعض الجمل تدل علي أصل المعني وإيضاح أو تكرار وهذه الأخطاء علي جفائها تعدّ أساساً لازما للدّرجة السامية من درجات النقد الأدبي علي أنّ الناقد مادام يصل بين هذه الملاحظات النحوية وبين المعاني وكيف ظفر بخواصّه اللفظّية والمعنوية وعلي أيّ شيء يدلل وهل هذا الابداع له صلة صلة بعقل كاتبه وعواطفه وأخيلته فاذا تبحرنا في عمله الأدبي  بعين نقدية مجهرية اذ بنا نرى من تحت عدسة المجهر بعينه ونسمع بأذنه ونخضع أنفسا لميوله واحساسه الابداعي وروحه وننتقل من فهمه بآليات النقد التي لا تظلم ولكنها تستبين الغث من الثمين ثمّ  نقدر العمل الأدبي الجاد ونحسن الحكم والتقدير.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق