الخميس، 11 يوليو 2019

عميل الموساد بين دمشق والقاهرة مقال للدكتور محمد البكري

قصة قصيرة
عميل الموساد بين دمشق والقاهرة
!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
* كانت الشمس تميل الى المغيب بينما هذا الصبى الذى يرعاه احد اقاربه يدخل من باب المسجد القديم بدمشق  لينزوى حزينا  بركن المسجد الأيسر  وهو يتذكر أباه الذى هجر الأسرة بعد الاتهامات الأخلاقية التى حاوطته ..
انتهت صلاة المغرب وخرج الصبى بصحبة احد الأصدقاء الأكبر سنا والذى دعاه الى بيته لتناول العشاء .. كانت تلك هى المرة الأولى التى يستشعر فيها العطف من أحد المحيطين به ، ولكنها كانت ايضا الليلة الأولى التى واجه فيها اعتداء جنسيا طال وجدانه فأمرضه قبل أن يهتك جسده .
______________________
* مرت سنوات طويلة حتى بلغ هذا الصبى الخمسين من عمره .. وها هو بالقاهره يؤم الناس بصلاة المغرب فى أحد الأحياء الشعبية  . انهى صلاته واتجه الى الزاوية اليسرى من المسجد يمسك بمصحفه وكأنه يقرأ فى خشوع  .. بينما ذاكرته تعود به بين محطات الماضى .
انه لا ينسى هذا اليوم الذى تسلل فيه عبر الأردن الى ميناء حيفا بإسرائيل بصحبة احد جيرانه وصاحب الدكان  المجاورا لدكانه والذى اكتشف بعد تلك الرحلة المثيرة أنه عميل للموساد يحيا الى جواره بدمشق ويشتهر بين الناس بالورع والتقوى .. ويؤم المصلين أحيانا بصوته الرقيق ..
________________________
* أذهلته المفاجأة التى استسلم لها راضيا سعيدا .. فقد كانت احقاده على مجتمعة لا ترضى بأقل من الخيانة العظمى لتطفئ اللظى الذى يشتعل  بقلبه .
تذكر زوج ابنته حين كلفه الموساد باطلاق النار عليه من بندقة قناص التى تدرب عليها كثيرا اثناء تسللاته العديدة عبر الحدود الى إسرائيل ، وضاعت دماء زوج ابنته والثورة تجتاح البلاد  ، وظن الجميع أن ميليشيات متحاربه هى من قامت بتصفيته .. عاد بتلك الليله وقبل ان يكتشف الناس موت هذا الشاب ليبيت الى جوار ابنته الكبرى وزوجة المغدور التى حرك الحيوان بداخلة  ملابسها الحمراء التى تذكره بالدماء التى يعشقها كلما كلف بقتل احد الجيران !
_________________________
* استمر فى تقليب صفحات المصحف وهو يمر على الكلمات دون أن يعى أى شئ غير انتشاءه ببراعته فى اعداد السموم من بعض الأعشاب ، ثم قام متحمسا يغادر المسجد ، مفضلا ألا ينتظر صلاة العشاء  ، وفى بيته القريب الى المسجد  كانت زوجته تعاونه ليدس سم الأكونيتين لزوج احدى بناته الذى هاجر معه الى مصر .. وكان يشعر بالغيره والغل كلما احس بسعادة ابنته مع زوجها . نفذ جريمته مطمئنا الى أن أجهزة الأمن لن تهتم كثيرا بوفاة أحد اللاجئين ، وسيكتفى معارفه فقط بالبحث عن أحد مقابر الصدقة ليواروا جسد الشاب المسكين  ، الذى كانت كل جريمته ان تزوج من فتاة أحبها واحبته وانجب منها طفلين .
___________________
* كانت زوجته تستشعر شكوك تساور بناتها حول ابيهم  ، فقررت أن تنهى أى احتمالات لتمرد قد لا تحمد عقباه ، وكان تهديدهن بقتل اطفالهن بالسم إن جاوزت الشكوك رؤوسهن الى ألسنتهن ليتحدثن بما يرعبهن ويحيل حياتهن الى جحيم لا يطاق .
___________________
* كانت الأيام تمر كئيبة على تلك الأسرة التى يتحكم فيها أب أغرقه شذوذه فى بئر الخيانة الذى بدأ فى دمشق وانتهى بالقاهرة ، حتى جاءته الرساله التى تأمره باصطحاب بناته وأولادهن والهجرة الى ألمانيا التى ستأتى موافقتها لمفوضية شئون الهجرة على قبول الأوراق التى تسمح لهم بالسفر ، واشترطوا عليه  قتل زوج ابنته الثالثة الفلسطينى الجنسية بتدبير حادث صعق بالكهرباء .
____________________.
لم يمض غير يومين حتى كان زوج ابنته الثالثة قد انتقل الى جوار ربه .. ووقف الجاسوس يرسم علامات الحزن على وجههه وهو يستقبل المعزين ويحدثهم عن أطفال بناته الذين تيتموا جميعهم ، ولم ينس أن يستشهد بعشرات الآيات الكريمة عن مكانه كافل اليتيم فجمع ليلتها من المعزين ، وفاعلى الخير ما يزيد عن عشرة آلاف جنيه .. لم ينم حتى حولها جميعها الى اليورو .. ونام ليلته قرير العين بعد أن قتل القتيل واستقبل عزاه وجمع الأموال من المحسنين على اسمه .
لم يمض اكثر من أسبوع حتى كان مطار القاهرة يستقبل الجاسوس وهو فى طريقه الى ألمانيا ليكمل رحلة الخيانة من هناك !!!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق