الاثنين، 8 يوليو 2019

ملف النيل والحبشة بقلم د / محمد البكرى

ملف النيل والحبشة
""""""""""""""""""""""""""""""""""
++++++++++++++++++++++
• المياه أكثر خطورة وأعمق أهمية ، فى ذلك الصراع الذى استوت ثماره وحان قطافها بالشرق العربى ، لا يضاهيها الصراع على النفط .. فالنفط سوف يظل سلعة تباع وتشترى ، اما المياه فهى أعمق معانى السيادة وحياة الشعوب ، وهى المعادل الموضوعى لمعنى الحرية والاستقلال . المياه هى الثروة الزراعية والحيوانية والداجنة والصناعية وهى نقطة الحياة فى أفواه البشر .
---------------------------------------
• ودائما ما تنتهى الخيوط المتحكمة فى مشاكل المياه - سواء المتعلقة بالنيل أو بباقى الأنهار بالدول العربية - تنتهى بين أصابع الدول الكبرى لتكبل أى تحرك مصرى ولإجهاض أى استقلال حقيقى لقراراتنا الوطنية أو القومية .
• ووفقا لمصالح تلك الدول نراها تلعب فى مفاتيح المياه ، كما تلعب بمشاكل الأقليات العرقية هنا وهناك .. أكراد ، وبربر ، ونوبة .. وأيضا تعبث بالقوميات كما فى جنوب السودان ، وبالخلافات المذهبية كما هو الحال بين السنة والشيعة . ولدى الغرب ايضا ورقة الحدود السياسية التى رسمها عمدا ليتركها معلقة فى الهواء لتكون مصدرا للقلاقل .. هذا غير ذلك الكيان الصهيونى .. الخنجر المسموم الجاهز لنكئ الجراح وإغراق المراكب السائرة !
• وهاهى إسرائيل والغرب يخططان بنجاح للعبث فى منابع الحياة بأثيوبيا ، لتهدد ليس فقط استقلال بل حياة أكبر دولة عربية من حيث المساحة .. السودان . وأكبر الدول فى الثروة البشرية .. مصر .
--------------------------------------------------
• وينبع النيل من فرعين رئيسيين تأتى منهما مياه مصر والسودان كما نعلم .
)1 ) النيل الأبيض الذى ينهل من بحيرة فكتوريا التى تبلغ مساحتها 6300 كيلو مترا مربعا بقلب الهضبة الاستوائية بأثيوبيا . وترتفع 1130 مترا فوق سطح البحر ، ويبلغ معدل هطول الأمطار عليها – 1150 مللى – سنويا وهى خزانا طبيعيا يوازنه تصريف النهر .
( 2 ) النيل الأزرق ، وينبع من بحيرة تانا التى تبلغ مساحتها 3000 كيلو مترا مربعا وتقع بالهضبة الأثيوبية ببلاد الحبشة وارتفاعها 1800 متر ومعدل هطول الأمطار عليها - 1400 - مللى سنويا .
-------------------------------------------------
• تقول وكالة المخابرات الأمريكية فى تقرير أصدرته منذ أكثر من 20 عاما أن حوض النيل منطقة توتر مائى قابل للدخول فى مستوى الخطر فى غضون 10 سنوات . وبحد أقصى 20 سنة ويشمل مصر والسودان وأوغندا وأثيوبيا .
-------------------------------------------------
• والحقيقة التى نتعامى عنها ولست أدرى لماذا تقول : أن جوهر الصراع العربى الإسرائيلى هو صراع على المياه فى المنطقة ، فقطرة المياه هى بؤرة الحلم الصهيونى لإستمرار هذا الكيان الإسرائيلى . وقد أدرك هذا الآباء الأولون للكابوس الصهيونى ، ( تيودور هرتزل ، ووايزمان ، وبنجوريون ) وسعوا لتأمين الجانب المائى قبل إنشاء الدولة ، وكانت طموحاتهم تتجه الى مصادر مياه العالم العربى فى أسيا ووادى النيل .
• وعلى هذا تقدم هرتزل الى الحكومة البريطانية ، سنة 1893 م فى عهد الملكة فكتوريا وآرثر بلفور ، والى الحكومة المصرية فى عهد الخديوى عباس ، ومصطفى باشا فهمى ، وبطرس غالى والمعتمد البريطانى اللورد كرومر ، تقدم بطلب لتحويل مياه النيل الى سيناء لتوطين اليهود هناك بقصد الوثوب منها الى فلسطين ، وكون هرتزل لجنة فنية فى شهرى فبراير ومارس سنة 1903 م زارت سيناء وكان ضمنها مهندسين وعسكريين ، وفشل المشروع لظروف دولية آنذاك .
• وحتى فى مؤتمر الصلح فى 3 / 2 / 1919 م عند نهاية الحرب العالمية الأولى تقدم وايزمان وآباء الدولة العبرية بمذكرة تؤكد على ضمان مصادر المياه لدولة اسرائيل المزمع إقامتها من حوض الليطانى ومنابع نهر الأردن واليرموك وبانياس وجبل حرمون
-------------------------------------------------
• ورغم مضى السنين على حديث الصهاينة عن مياه النيل ما زالت إسرائيل تحلم بها .. ففى سنة 1978 م ورد مقال لمفوض شئون المياه الإسرائيلى بصحيفة ها آرتس الاسرائيلية يقول فيه ( إذا لم يجر عاجلا تطوير سريع للموارد المائية الموجودة فسيحدث نقص يقدر من 400 : 450 مليون متر مكعب خلال العقد التالى نتيجة الزيادة السكانية .
• ومنذ اوائل الثمانينات شهدت إسرائيل وجيرانها جفافا لم تشهده المنطقة منذ 20 عاما وجف بالفعل أكثر من 200 خزان صناعى سنة 1983 . وخفضت المخصصات المائية للزراعة بنسبة من 10 : 25 % . ووجدت إسرائيل نفسها أمام عدة سبل قامت بتجريبها
• السبل التكنولوجية :
++++++++++++
( 1 ) حاولت تخفيض كمية المياه الضائعة بسبب البخر من بحيرة طبرية وذلك بتغطية سطح البحيرة بأنواع من الزيوت تمنع البخر .. وفشلت تلك المحاولات وأمواج البحيرة تمزق هذا الغطاء
( 2 ) قامت بأبحاث لتطعيم السحب بيوديد الفضة وثانى أكسيد الكربون المجمد ، لإسقاط المطر الصناعي فسقطت معظم الأمطار بالبحر المتوسط بدلا عن جبل الجليل المستهدف بالمياه لزراعته
( 3 ) قامت بعمليات التحلية بالطاقة النووية وثبت أن هذا مكلف جدا وغير اقتصادى ولا يصلح الا كمصدر ثانوى للمياه .
( 4 ) فقامت بمعالجة مياه الصرف الصحى ووجدت أنها بنفس تكلفة التحلية .
• وبالطبع تعمل إسرائيل طوال الوقت على ترشيد مياه الرى واستخدام اساليب التنقيط والرش
...................................................................
• وعلى ما سبق .. عادت إسرائيل تتطلع الى مياه النيل ، كذئب جريح قرر أن يفتك بأقرب الجيرا ن فى الجنوب بعد أن إلتهم من فى شماله وشرقه وشرب ماء اللبنانيين والأردنيين والسوريين .. مياه النيل شريان الحياة لمصر اصبحت الآن ضرورة ملحة وشبقا جنسيا لا تستطيع مقاومته ، يهدء بعض الوقت ولا يلبث أن يعود أقوى مما كان ............
انظر الى المقال المنشور يوم 26 / 11 / 1978 م فى جريدة - دافار – ( إن المسئولين عن المياه فى إسرائيل ، استبعدوا كل الحلول غير التقليدية مثل المحطات النووية للتحلية وغيرها ، ولم يعد هناك غير حل واحد وهو أن نتزود بالمياه من الموارد المحلية ) .. وبما أن نهر الأردن مستغل الى الحد الأقصى فالمقال تحديدا كان يعنى نهر النيل . وهاهى البشاير وقد دقت طبول الحرب فى الجنوب .
------------------------------------------------------
• دوما كانت إسرائيل تدرك خطورة عنصر المياه على الأمن القومى العربى فاعتمدت سياسة استنزاف المياه العربية لأقصى حد ، والتحريض لدى الدول التى تتحكم فى منابع الأنهار ، خصوصا نهر النيل..
_____________________________________________
* (( منظمة قبول الآخر لحقوق الإنسان
...... المركز القومى للدراسات الإستراتيجية والأمنية والسياسية
........... د / محمد البكرى ))

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق