الجمعة، 12 يوليو 2019

كيف تُحكم الكنيسة من الداخل وكيف ينتخب رأس الكنيسة وقادتها الروحيين مقال للدكتور محمد البكري

كيف تُحكم الكنيسة من الداخل وكيف ينتخب رأس الكنيسة وقادتها الروحيين ( مقالين )
!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
(( المقال الأول ))
* " إبحث عن الموساد كلما سالت دماء بريئة "
# سيذكر التاريخ أن أسقفا - الأنبا أبيفانيوس - يرأس دير أبو مقار تم اغتياله فى حادث فريد ليس له سابقة فى تاريخ الكنيسة .. وأن هذا الجرم وقع فى الفترة التى تولى فيها البابا تواضروس كرسى الكرازة المرقسية .
* كلنا يعرف أن رجل الدين  له مبادئ وقيم ومحبة ، على عكس السياسى فهو متلون مغامر يستصيغ الكذب والتدليس ، والفكر السماوى يرتكز على الحق لا المعرفة ، والحق ثابت والمعرفة تتغير ، والصحيح لا يخضع للظروف ، والأصل أن يُخضعها هو ، وتاتى العثرة حين نصنع شرا ونغلفه بشكل القداسة حينذاك يصير خمير الفريسيين المُحذر منه .
________________________
*** خلال تاريخ الكنيسة المصرية لم يكن هناك ثبات على طريقة انتخاب البابا أو على الفئات التى يتم اختياره منها ، سواء من المتزوجين ، أو العلمانيين المترملين ، أو الكهنة المتبتلين ، أو حتى الشمامسة  . والأهم من كل هذا الآن أن مصر ككل والمسيحيين على وجه الخصوص يحتاجون الى وجود رعاة صالحون على رأس الكنيسة ، خصوصا فى تلك الأيام الصعبة التى يعيشها  المصريين وايضا منطقتنا العربية بل والعالم أجمع ، الذى تم اعداده للحرب العالمية الثالثة ، التى أصبح اندلاعها مسألة وقت ، او لنقل أنها قامت بالفعل ولكن العمليات العسكرية الشاملة لم تبدأ بعد ، والمحاور والجبهات لم تتشكل حتى الآن على صورتها النهائية .
_________________________
# ترى .. ما هو معيار الراعى الصالح من خلال الكتاب المقدس وبنص كلماته ..
* يقول السيد المسيح للمعلمين والرعاة ( أنتم ملح الأرض ولكن إن فسد الملح فبماذا يملح ، لا يصلح بعد لشئ إلا أن يطرح خارجا ويداس من الناس  ) --- " مت 5 : 13 "
* وأيضا يقول ( ويل للعالم من العثرات ، فلابد أن تأتى العثرات ولكن ويل لذلك الانسان الذى تأتى به العثرات ) --- "مت 18 : 6 - 7 "
* ويقول ( احترزوا من الأنبياء الكذبة ، الذين يأتون فى ثياب الحملان ولكنها ذئاب خاطفة ، من ثمارهم تعرفونهم وهل تجنون من الشوك عنبا أو من الحسك تينا هكذا كل شجرة جيدة تصنع أثمارا جيدة وأما الشجرة الردية فتصنع أثمارا ردية ) ---- "مت 7 15 : 17 "
* ويقول للفريسيين ( اجعلوا الشجرة جيدة وثمرها جيد أو اجعلوا الشجرة ردية وثمرها ردى لأن من الثمر تعرف الشجرة ... فكيف تقدرون أن تتكلموا بالصالحات وأنتم أشرار ؟ فإنه من فضلة القلب يتكلم الفم ) --- "مت 12 33 : 34 "
* يقول القديس بطرس ( فاعزلوا الخبيث من وسطكم ) --- " 1 كو 5 : 13 "
* يقول القديس بولس ( إن أحد يبشركم بغير ما قبلتم فليكن أناثيما __ محروما __) --- "غل 1 : 8-9 " ....... ويقول لتلميذه ( يا تيمو ثاوس احفظ الوديعة معرضا عن الكلام الباطل الدنس ومخالفات العلم الكاذب الآثم الذى إذا تظاهر به قوم زاغوا من جهة الايمان ) --- " 1 تى 6 : 20 : 21 "
_____________________
# عادة ما يعتلى الكرسى البابوى وفق المعهود فى تاريخ الكنيسة أحد الرهبان ، ولست أقصد بهذا الرهبان الأساقفة المعرفون لدى الجميع بأسمائهم وأنشطتهم ، فالأديرة بها مئات الرهبان الذين لم يكتشفوا حتى الآن ، بكل ما لهم من قامات روحية . وعلى مدى تاريخ الكنيسة القبطية أُختير البابا من فئات كثيرة :
1- من رؤساء وأساتذة وعلماء مدرسة الاسكندرية اللاهوتية ( 5 بطاركة )
2- من سكرتيرى وتلامذة الباباوات ( 7 بطاركة )
3- من الكهنة المتبتلين - غير متزوجين -( 22 بطركا )
4- من الشمامسة - عاملين فى الحقل الدينى- ( 4 بطاركة )
5- الرهبان - فى عصر الرهبان بعد حرق المدرسة اللاهوتية بالاسكندرية - ( 73 بطركا )
6- من العلمانيين المتزوجين ( بطرك واحد هو البابا أنيانوس الثانى )
7- من العلمانيين المترملين ( بطرك واحد البابا ال 74 يوحنا السادس )
8- العلمانيين المتبتلين ( 4 بطاركة )
9- المطارنة والأساقفة ( 5 بطاركة)
10- أساقفة متبتلين من غير الرهبان ( إثنان من البطاركة)
11- من المتبتلين وغير معروف يقينا إن كانوا كهنة أم شمامسة أم علمانيين ( 4 بطاركة )
________________________
# وفى العهد القديم لم يكن الكاهن يقل عن 30 عاما ، حتى أن يوحنا المعمدان - الصوت الصارخ فى البرية - لم يتول الكهنوت الا فى سن الثلاثين . والسيد المسيح بدء رسالته فى الثلاثين .
# وفى العهد الجديد لم يحدد السن ، ولكن كان للسن اعتبار كبير ، فالكهنة كانوا يسمون شيوخا ، والبابا هو أب لكل الكهنة ، وغالبا كان من سن الخمسين ، كما حددت الدسقولية ، والاستثناء الوحيد كان للبابا ( أثناسيوس )الذى رسم فى ال 30 من عمره ، ولم يتكرر فى تاريخ الكنيسة .
________________________
# والكنيسة بإجماع الأراء تعطى للأسقف العام حق تولى كرسى البابوية ، وتحرمة على الاساقفة والمطارنة المسئولين عن أبروشيات . فى اتساق مع موقف الكنيسة الارثوزكسية الأرمينية ، والأثيوبية ، والسريانية ، والهندية .
* والأسقف ( ومعناها الناظر من فوق ) هو أعلى درجات الكهنوت ، وحتى لو رقى الى درجة بطريرك إن -جاز التعبير - فلا توضع عليه اليد من جديد ، ولا يتغير أسمه ، ويظل كرسى الأسقفية الخاص به شاغرا مدى حياته ، وان جاز تعيين وكيل له أو نائب بابوى بدرجة أسقف .
________________________
# واستكمالا لما سبق أشير الى نقطة هامة فى موضوع اختيار البابا .. فقد اختار السيد المسيح تلاميذه من العلمانيين والمتزوجين الذين صاروا فيما بعد البطاركة الأوائل لجميع الكراسى الرسولية .
# وفى الدسقولية - أقدم الكتب القانونية الكنسية- هذا النص الذى يعتبره البعض وجوبيا وملزما " يجب أن يكون الأسقف بلا لوم ، طاهرا لايقل عمره عن الخمسين سنة ،بعل امرأة واحدة يهتم بأهل بيته جيدا متزينا بالايمان هادئا له امرأة هادئة "
# كما ورد فى قوانين البابا - أثناسيوس الرسولى - " إن الأسقف الذى لم يؤدب أولاده يعزل من وظيفته ، إذ كيف يؤدب ابناء شعبه ان لم يكن قد أدب أولاده بالجسد " _ القانون 20 _
#وعلى مدى تاريخ الكنيسة القبطية كان اختيار الباباوات والمطارنه والاساقفة من بين المتزوجين .. أولهم كما ذكرت آنفا البابا حنانيا ( إنيانوس ) وكان متزوجا . وجاء ايضا من بعده الكثير من الباباوات العلمانيين مثل :
* البابا السادس .. ( يسطس )
* البابا السابع ......( أومانيوس )
* البابا الثامن .......( مرقيانوس )
* البابا التاسع عشر ( ألكسندروس )
* والبابا العشرين ... ( أثناسيوس الرسولى )
* والبابا الثانى والعشرين ( تيمو ثيئوس )
#### والملاحظ هنا أن جميعهم عاصروا نجوم البرية وكبار الرهبان من آباء الكنيسة أمثال (( بولا ---- وأنطونيوس ----- وباخوميوس ------ وبشوى ----- ومقار ------ وشنودة ----- ))
___________________________________________________________
# وفى فترة من تاريخ الكنيسة ، وفى ظروف عصيبة للغاية وغير عادية ، اختار الأقباط أساقفتهم من غير المتزوجين .. حتى لا يعوقهم زواجهم عن التضحية بأرواحهم والترحال من بلد لأخرى . وهنا صار الاستثناء قاعدة ، والقاعدة استثناء . واعتقد الجميع أن البتولية خير من الزواج .
* ويقول القس ابراهيم عبد السيد فى كتابه _ البطريرك القادم _ " بسبب ما عانته الكنيسة من متاعب افتقرت الى العناصر العلمانية الصالحة للرسامة ، أساقفة وبطاركة ولا سيما بعد ان اغلقت المدرسة الاكليركية اللاهوتية بالاسكندرية أبوابها فى أواخر القرن ال 15 الميلادى ، وكانت تلجأ الى الأديرة منذ أواخر القرن ال 10 الميلادى لاختيار اساقفتها وبطاركتها من بين الرهبان "
# وفى ملاحظة جديرة بالاهتمام أن العصر الحديث شهد  ترشيح كل من :
::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::
* الاستاذ وديع بشاى للبابوية خلفا للانبا يؤانس التاسع عشر ( البابا 113 ) ولم يفز وصار فيما بعد الراهب القمص _ داود المقارى _ مؤسس كنيسة العدرا بروض الفرج .
* الأرشيدياكون حبيب جرجس مدير الكلية الاكليركية لمطرانية الجيزة والقليوبية وقويسنا ( سنة 1949 م ) ولم يفز بها .
* الأناغنوستيس ( د . وهيب عطا الله جرجس ) وكيل الكلية المذكورة للكرسى البابوى . عقب وفاة البابا يوساب الثانى ( البابا ال115 ) ولم يفز والذى صار فيما بعد _ الأنبا غرغوريوس _ اسقف عام البحث العلمى .
* ومربط الفرس هنا ليس الفوز من عدمة ، فمجرد الترشيح يعد قبولا واضحا لتغيير القوانين التى صار تغييرها مطلبا للكثيرين ، الذين اعتبروها تنكرا للنصوص الكتابية الصريحة والواضحة .
______________________________________________
& وقد يكون من اللازم والضرورى الآن وجود يد قوية فى ظل هذا التمدد الأفقى للاكليروس ليس فقط على ارض مصر ولكن فى ارجاء القارات الخمس ، وبدون تلك اليد قد ينفرط العقد ، وتتحلل حباته من الداخل ، ليدفع الجميع الثمن قاسيا بل ومروعا ، نريد نقاءا وسموا وذكاء وحكمة
ونحن ايضا بحاجة الى شدة وحزم مع ذواتنا التى هبت عليها رياح الزقوم وعواصف السموم ، فما يأتى من الداخل يكون أشد وطأة وأبعث على الخوف . وكلنا فى مصر قلقون فى انتظار ما ستسفر عنه الأيام .. من نتائج لتحقيقات لن تكون النيابة العامة قادرة بشكل جيد على سبر أغوار جريمة مقلقة ، ما لم تتعاون الكنيسة بكل أجهزتها الأمنية وقيادتها الروحية مع المحققين إن كانت هناك رغبة حقيقية فى الوصول الى القاتل .
فكشف القاتل سوف يفكك خيوطا معقدة للوصول الى أخطر ما يحاك لمصر ، من مؤامرات .. ولن يكون اغتيال أسقف وررئيس دير ابو مقار هو الأخير .. فهناك اغتيالات أخرى قادمة فى الطريق لكل من سيقف أمام مخطط الحرب الأهلية مسلما كان أم مسيحيا ، علمانيا كان أم رجل دين .
# وغدا ستتذكرون كلماتى " إبحث عن الموساد كلما سالت دماء بريئة "
___________________________________________
* ( منظمة قبول الآخر لحقوق الإنسان
..... المركز القومى للدراسات الإستراتيجية والأمنية والسياسية )
.......................................................... د / محمد البكرى

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق