الجمعة، 12 يوليو 2019

الجريمة ) الحبشة ومحاولات إبادة شعب مصر .. عبر التاريخ ( المقال الثانى) مقال للدكتور محمد البكري

( الجريمة ) الحبشة ومحاولات إبادة شعب مصر .. عبر التاريخ ( المقال الثانى )
""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""
*** تروى الأساطير التى يتناقلها أهل الحبشة من الأجداد الى الأبناء .. أن أيديهم تقبض على عنق مصر ، وفى تاريخ بطارقة الكنيسة المصرية الأرثوزكسية ما يؤكد على هذا ، فقد جاء أن مصر أصيبت بمجاعة عام 1093 م .. فأوفد خليفة المسلمين بطرك الإسكندرية حاملا أفخر الهدايا والتحف الى بلاد الأحباش ، ويقال أن منسوب المياه ارتفع خلال تلك الزيارة ثلاثة أزرع .
................................................
* وفى أسطورة حبشية أخرى .. أن أحد الملوك المتأخرين من أسرة " زجوى " أراد أن يصب جام غضبه على " الكافرين " المصريين ، فحول روافد النيل الى نحو المحيط الهندى ، وحدث هذا فى منتصف القرن القرن الثالث عشر ، ويقولون أنه شرع فى تحويل مجرى ثلاث روافد ، إلا أنه مات فتوقف المشروع . وفى رواية أخرى أن الكهنة ثنوه عن عزمة على إعتبار أن تحويل مجارى الأنهار الى المحيط الهندى ، سيخلق دولة إسلامية أخرى فى الصومال ، تثير القلق وتشن حربا شعواء عليه وتسلب منه عرشه .
..............................................
*وفى سنة 1325 م إضطهد السلطان الناصر مسيحييى مصر ، فما كان من ملك الحبشة إلا أن هدد بإنزال المجاعة بشعب مصر وأحالة أراضيها الى صحراء جرداء إن لم يكف السلطان عن هذا .
..............................................
* وتكرر هذا الوعيد ثانية فى أوائل القرن السادس عشر ، حين قرر الرحالة البرتغالى الكبير " البوكيرك " تحويل تجارة ميناء البندقية الإيطالى ، والتى كانت تمر بمصر ، الى طريق الكاب الذى كان تحت سيطرة البرتغاليين حينذاك ، فأعوز الى ملك الحبشة بتحويل مجارى روافد النيل ، ليحيل مصر الى صحراء قاحلة ينعق فيها البوم .
______________________________
* ومن الجدير بالذكر .. أن مياة الأمطار التى تسقط على هضبة الحبشة تنحدر الى الشمال الغربى نحو نهر النيل فى روافد ثلاث .. نهر عطبرة فى الشمال ، والسوباط فى الجنوب ، وبينهما نهر " آباى " ، الذى ينبع من بحيرة توسانا شديدة العمق ، فينحدر أولا نحو الجنوب الشرقى ، ثم يدور حول الجبال ويهبط بإتجاه الشمال الغربى ، حيث يسمى بالنيل الأزرق ، الذى حفر مجرى عميقا للغاية ، يشكل أخدودا بين الجبال ، وهو الذى يمدنا بمعظم المياة القادمة من الحبشة والتى تشكل فى مجملها 85 % من مياه النيل الآتية الى مصر .
* فالحبشة فى حقيقة الأمر تتكون من هضبتين الأولى إرتفاعها نحو ألف متر ، تعلوها هضبة أخرى إرتفاعها ألف وخمسمائة متر ، فى وسطها منخفض الذى هو بحيرة " تسانا " والتى ينبع منها عددا من الأنهار ذات جوانب تكاد تكون رأسية ، مما يجعلها حصونا طبيعية حمت الحبشة عبر التاريخ ، حيث يستطيع بضعة رجال السيطرة عليها ليوقفوا جيشا كاملا ، وحولهم ما يكفيهم من الثمار والزروع أعلى تلك الأخاديد ، تمدهم طوال الحرب بما يحتاجون ، فضلا عن المراعى للحيوانات .
* وقد استغل الأحباش تلك الطبيعة لصد أعتى الجيوش فى أوقات الحرب ، وفى أوقات السلم كانت تلك القلاع تستحيل الى أديرة للرهبان ، وفيها أيضا كان النجاشى يسجن كل ذكور الأسرة المالكة ، حتى لا ينافسوا أولاده على العرش - كما ذكرت فى المقال الأول - وفيها كان يخفى أيضا كنوزه ، وأيضا استغلها المناوئون للنجاشى والمتمردون على سلطان ملوك الأحباش ، وهم يحتمون بسلاسل قمم الجبال ورؤوس آلاف الأخاديد المنتشرة هناك .
..............................................
* ومن أهم الصفات النفسية لدى الأحباش هو الشك فى الأجانب ، والحذر والتوجس والخوف من الآخر مسيطر على نفوسهم . صفات تأصلت فيهم عبر التاريخ ، لعب الدور الرئيس فى هذا البرتغاليين وكانوا يعتبرونهم أشقاء لهم فى المسيحية ، واكتشفوا أن همهم الأول كان استغلالهم ، وحدث نفس الشئ مع الأسبان ، والإيطاليين ، وكنيسة روما .
* فضلا عن الفاتحين العرب المسلمين الذين سيطروا على الساحل قادمون من اليمن وبلاد شبه الجزيرة العربية ، حاملون معهم اللغة والكتابة التى ماتزال مستعملة فى مختلف أنحاء بلاد الحبشة .
كل هذا مما جعل القطيعة جزءا من مواريثهم العقلية والدينية ، وعاشوا حتى عهد قريب لا يأمنون جانب الغريب ، حتى جاء الأمبراطور هيلاسلاسى لينفتح على العالم ، وإن ظلت للعقد النفسية التى شكلها الدهر ، بصماتها فى أعماق النفس .
_____________________________________________
*( منظمة قبول الآخر لحقوق الإنسان
....المركز القومى للدراسات الإستراتيجي والأمنية والسياسية د / محمد البكرى )

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق