الاثنين، 8 يوليو 2019

تراجع الإسلام وتخلف المسلمين بقلم الدكتور محمد القصاص

تراجع الإسلام
وتخلف المسلمين
بقلم الدكتور محمد القصاص

في الحِقب التاريخية التي مضت ، سواءٌ القديمةُ منها أم الحديثة ، ظلَّت معالمُ الآثار والحضارات لأمم سادت ثم بادت خالدة إلى اليوم ، بل ظلت حاضرة وشاهدة على حضاراتهم ونهضتهم ، ودليلا على طرق عيشهم ، فخلدت ذكراهم وحياتِهم وبقيتْ ماثلة للعيان لم تستطع الحضارات التي تلتها أن تنتقص من قيمها التاريخية أو تمحوها من صفحات التاريخ ، ولا من أذهان الشعوب المتعاقبة  وعقولهم ، لا سيما المفكرين والدارسين منهم ، والمتابعين للمتغيرات والتحولات الكبيرة التي تجتاح عالمنا ما بين فينة وأخرى ،  ولم يكن لوهن أو انقراض الأمم والشعوب التي كانت سببا رئيسا بنشوء تلك الحضارات على مرِّ التاريخ أثرا بالغا يتسبب بمحو شيءٍ من تلك الحضارات ، بل ظلَّتْ علاماتٌ مضيئةٌ في صفحات التاريخ .
فمنذ نشأة الإسلام منذ ألف وأربعمائة ونيف وثلاثين عاما ، والإسلام يمر بمراحل متذبذبة ، إما شموخا أو تراجعا ، حيث لم يمض على الإسلام سوى بضع سنوات حتى حدثت معركة بدر الكبرى ، وهي أول غزوة في الإسلام وكانت في عهد النبي محمد صلى الله عليه وسلم ، ومن هناك أيضا عرف المسلمون بأن هذا الدين لن يظهر أبدا بغير مقارعة أمة الكفر التي وقفت ضد انتشار الإسلام ، وهم من أكثر الناس صلة بمحمد صلى الله عليه وسلم .
وبقي الإسلام محاطا بالمخاطر ، حيث تتالت الغزوات واتسعت رقعة الجهاد لتشمل الكثير من مناطق العالم ، فكان أعداء الإسلام يخشون من انتشار الإسلام خشية عمياء ، كان يروج لها الزعماء والأمراء والملوك في تلك الدول ، وكانوا يعدون العدة والعتاد والجيوش من أجل القضاء على الإسلام في المهد .
مع أن الدافعَ القوي والمحرِّكَ المؤثر ، الذي كان يدفع بالمسلمين إلى مزيد من الجهاد والتضحيات ، وخوضهم للحروب ، وقيامهم بأعمال الفتوحات ، هو أنَّ المسلمين جميعا ، أصبحوا يؤمنون بأن رسالة النبي عليه السلام كلمة الله سبحانه وتعالى الأخيرة إلى البشرية ، وقد تعهد الله بحفظها تعهّده بحفظ نظام الكون الذي يستمر ما استمر هذا الدين ويزدهر ما ازدهر، فإذا انصرف الناس عنه كان ذلك من أمارات الساعة وانخرام نظام الكون، لأن الله سبحانه إنما خلق الكون ليكون تجليا لأسمائه الحسنى ولقدرته وجلاله وجماله لعدله ورحمته ومُراداته ، كما جاءت بها شرائعه، وعهد بها إلى خلفائه ، قياما بها وحراسة لها ومحافظة على ما جاءت به .
ومع ذلك كله ، لم يكن الإسلام ولا أهله إرهابيين ولا قتلة في يوم من الأيام ، إلى أن برزت بعضُ التنظيمات الإرهابية وأثرها إرهابا وتطرفا على الإطلاق هما بما يعرفان اليوم بتنظيمي القاعدة وداعش ، والذين أعطيا الضوء الأخضر لكل قوى الشر والبغي والعدوان كي تفعل فعلتها النكرة وتقوم بارتكاب المجازر والجرائم ، ضد شعوب المسلمين المستضعفة على الأرض الإسلامية ، وفي عقر دارهم ، وبهذا التآمر ، تمكنت قوى الشرِّ فعلا من سحق الإسلام العظيم وأهله بكل صلف وبلا رحمة ولا إنسانية  ، مستخدمة أشد أنواع الأسلحة دمارا وفتكا .
لقد كانت حروب الإسلام فيما مضى ، حروبا عادلة ومنصفة ، ضد من يعتدي على حوبة الإسلام وأهل الإسلام ، ولم تكن ولو لمرة واحدة ، حروبا ظالمة أو باغية على بقية شعوب الأرض من أصحاب الديانات والمعتقدات الأخرى  ، وعندما كان يأسر المسلمون بعضا من المحاربين في صفوف العدو ، كانوا يتعاملون معهم بأخلاق عالية ، وبمعاملة كلها رحمة ورأفة ، ولم تكن من منظور منظمة حقوق الإنسان التي لا تعرف للإنسانية معنى ولا حقوقا ، لم يستخدم الإسلام خلال حروبه مع الأعداء أبدا أي نوع من أنواع الظلم أو الإكراه على فعل ما لم يكن يقرُّه الإسلام بتعاليمه السمحة  ، وحتى الانتصارات التي تمَّتْ في العهد الذهبي للإسلام ، لم تخلف ولو وصمة عار واحدة في جبين الإسلام من حيث المعاملة والحقوق والواجبات ، بل ولم يلطخ  تاريخ الإسلام بأية نقطة سوداء تشوه نقاءه وصوره الجميلة ،  أو بما يجعله دينَ إرهاب كما يزعمُ أعداءهُ الآن ، ولم توشح صفحاته البيضاء الناصعة بالسواد ، كما وشحها المدعين زورا بالأسلمة ، التي لم يكن فيهم منها شيئا أبدا .  لم تكن المراحلُ الأخطرُ والأسوأ في تاريخ هذا الدين الحنيف بهذا الحجم من الخطورة ، إلا بعد أن دنَّسَ الصهاينةُ أرض فلسطين ، حيث بدأ اليهود بالإعداد لهذا الغزو الصهيوني والفكري ، على يدي تيودور هرتزل  2 مايو 1860 – 3 يوليو 1904، وهو اليهودي الصحافي الذي أعد لإنشاء هذا الكيان على أرض فلسطين .
فكانت كلُّ مخططاتهم تتبنى فكرة إيجاد وطن قومي لليهود في فلسطين ، بل تتبنى بعث الضغائن والأحقاد القديمة ضد الإسلام وأهله من جديد ، وبهذا نستدل على أن وضع الإسلام وأهله  لم يبلغ من قبل هذه الخطورة التي نراها الآن ، والتي تمخضت بكل تفاصيلها عن نشوء دولة الصهاينة على أرض فلسطين العربية ،على يد زعيمها الصهيوني ( تيودور هرتزل -  ( Theodor Herzl‎؛ 2 مايو 1860 – 3 يوليو 1904) وهو صحفي يهودي نمساوي مجري، مؤسس الصهيونية السياسية المعاصرة. ولد في بودابست وتوفي في إدلاخ بالنمسا . تلقى تعليما يطابق روح التنوير الألماني اليهودي السائد في تلك الفترة، يغلب عليه في صلبه الطابع الغربي المسيحي حتى سنة 1878. في نفس السنة انتقلت عائلته إلى فيينا. التحق هرتزل مباشرة بكلية القانون حتى حصل على الدكتوراه سنة 1884 ثم اشتغل بعدها فترة قصيرة في محاكم فيينا وسالتسبورغ ثم توجه إلى الأدب والتأليف. بداية من سنة 1885 ، فنشر مجموعة من القصص الفلسفية. كما كتب عددا من المسرحيات التي لم تلق نجاحا كبيرا.
ولكن ما سبب تخلف الإسلام وظهوره بهذا المظهر المخزي في أيامنا هذه ؟ ، وما الذي جعله دينا إرهابيا بما تحمله هذه العبارة من معنى .؟
لقد أصبح الإسلام مزعجا ومخيفا ومحاربا من جميع شعوب الدنيا ، حتى المتدينون المسلمون باتوا يثيرون الخوف والرعب في نفوس الآخرين ، وخاصة من غير المسلمين وكل رجل مسلم الآن ، أصبحت  شبهة بالإرهاب تلازمه ملازمة الظل ، وحتى النساء المسلمات اللائي يرتدين الحجاب في الغرب وفي كثير من بقاع الدنيا ، أصبحن مثار سخرية واستهزاء واستنكار لغير المسلمين من عامة الناس والمارة ، وحتى من بعض المسلمين أنفسهم ، لأنهن يرتدين الحجاب وهو مؤشر واضح يدل على أن من ترتديه هي مسلمة بكل المقاييس ، وقد بتن يثرن سخط المجتمعات هناك ، وقد يتعرضن صراحة إلى استهتار المارة سواء أكانوا متدينين أو من سقط القوم ، لأن الإسلام كله بنظرهم قد أصبح سُبَّةً ومعيبة ، لا يمكن قبوله أو السماح له بالانصهار في مجتمعاتهم . بل وراحت بعض الجهات في كثير من الدول تطالب بحظر الحجاب ، ومنعه في الأماكن العامة والرسمية ، وأنا حقيقة بتُّ من مؤيدي هذا الحظر ، لما يتعرضن له من إهانات وشتائم بلغات متعددة قلة هنَّ اللائي يفهمن لكنتهم ولغاتهم .
وحتى المسلمون أنفسهم الذين يعيشون في الغرب ، باتوا مهددون ومراقبون بشكل ملفت للنظر ، تسجلُ عليهم كل حركاتهم وسكناتهم ، وإذا ما تواجدوا في الأماكن الهامة مثلا ، فإنهم يحاطون بوابل من الإجراءات الاحترازية ، مع أن الدلائل التي تشير إلى أنهم عرب أو مسلمون ،  لا تعدو عن كونها مجرد شكوك لا غير .
أنا لا أستطيع استيعاب مسألة التطرف ، ولا القبول بما يسعى إليه أصحاب الأجندة الخبيثة ، والذين نجحوا إلى حد كبير بإخراج الإسلام عن مساره الصحيح ، وراحوا يعطون عنه أبشع الصور بما اجترحوه من جرائم بحق الإنسانية سواء على تراب الوطن الإسلامي أو على الصعيد العالمي .
فماذا قدمت تلك الجهات أو الجبهات الإسلامية المتطرفة سوى كثير من الويلات والثبور لديننا وأمتنا منذ أن أنشئت أول منظمة تدعي أنها من المدافعين عن الإسلام وأهله ومقدراته ومكتسباته . فراحوا باسم الإسلام ينسبون كل عمل خسيس أو دنيء لمنظمات تدعي لنفسها بأنها إسلامية ، وبقدرة قادر تبين لنا فيما بعد ، بأنها جهات عميلة تقوم بكل ما يملى عليها من مخابرات تل آبيب ، أو مخابرات الغرب ، أو بالاثنتين معا ، وفي النهاية تتكشف الستر ، وتبدو عوراتهم للعيان ، ويعلم الجميع بأنهم جميعهم مجرد خلايا عملاء ومتآمرين وخونة ، ومع ذلك فلم يرحمهم السادة الذين جنودهم ، بل تخلصوا منهم بكل بساطة باسم مصطلح الحرب على الإرهاب ودون أن يشعر أحد من عباقرة الأمة بأن ما يحدث ما هو إلا مؤامرات تطيح بشبابنا وبشعوبنا وببلداننا وهذا هو المخطط الذي ساعدنا المستعمرين على تحقيقه برغبة منا وبمباركة من مشايخنا وقياديينا .
ومن الآن فقد أصبحت مهنة العمالة في وطننا العربي سببا للإسترزاق ، وقصعةً شهية يتسابق على فتاتها أصحاب الأجندة المنحطة وذووا الأنفس المريضة وأصحاب الرؤوس الكبيرة المليئةُ أحقادا وضغائن على الإسلام وأهله .
واليوم وقد أصبح العالم الإسلامي بأسره لقمة سائغة تلوكها الألسن ، وتصفها وسائل الإعلام الغربية والصهيونية بأبشع الأوصاف ، من التطرف إلى العمالة إلى الخيانة إلى التآمر إلى الإرهاب إلى القتلة ، فلم يعد بعد هذا الوصف أي مجال للضعفاء ، بأن يبحثوا لهم عن موطيء قدم لدى المخابرات الأجنبية كما كان في السابق ، ، لأنهم توصلوا إلى حد الإشباع ، ولم يعودوا بحاجة إلى عمالة العرب وخياناتهم بأي حال من الأحوال .
وبهذا الحدّ من الإهانة فقد بات العرب والمسلمون الخونة الباحثين عن العمالة وعن وظائف وضيعة لدى الغرب عاطلين عن العمل ، ولم يعد بإمكانهم أن يحصلوا على ثقة أولئك اللصوص ، لأنهم كشفوا أوراق العرب والمسلمين ، وعرفوا مدى انحطاطهم ووضاعتهم ، وسوء أخلاقهم .
إنني أعجب وأنا أقول بيني وبين نفسي لقد بات الإسلام الحنيف صاحب المباديء والأخلاق الحميدة ،  صاحب سمعة سيئة في الغرب وحتى عندنا نحن ، فهو الآن منزوع الهيبة والاحترام ، بسبب عدم وجود أناس من علماء الأمة ، ينبري للدفاع عن الإسلام وصوره النقية الجميلة ، ويدحض عنه التهم ويبريءُ ساحته مما علق فيه من صفات غريبة عليه ، صفاتٌ ما أنزل الله بها من سلطان ولا علاقة للإسلام بها لا من قريب ولا من بعيد ، بل فقد أسندوا لكل مسلم يتزيَّا بزي الإسلام الحنيف صفة التطرف والإرهاب ولا يستطيع أي إنسان مسلم أن يطوف في ديارهم الآن بكل حرية وسهولة ، بل فإنه دائما تحت المجهر يراقبه الجميع ، ومن الممكن أن يبلغ عنه ولو اختزل نظرة ما في أي مكان عام أو خاص .
لقد تمكن اليهود من تكوين هذه الهالة السوداء حول الإسلام وأهله ، وهم بذات الوقت يسعون إلى تحصين يهوديتهم وعنصريتهم ، بكل أشكال الدعاية وبالهجوم المعاكس ضد أي توجه يمكن أن يكون سببا في تحسين الصورة عن الإسلام وأهله ، وهم يقومون أيضا بإثارة الدنيا كلها فيما لو اعتدي على صهيوني واحد في أي مكان من العالم .
لعلي أختتم مقالي بما جاد به الشاعر ، عن حقيقة بنات المسلمين في عهد داعش وما سار في ركابها من الضالين المضلين والكفرة الملحدين ..
بنات المسلمين هنا سبايـــــــــا  ***  وشمس المكرمات هنا تغيب
تبيت كريمة أختي وتصحــــــو  ***  وقد ألغى كرامتها الغريـــب
تخبّئ وجهها يا ليت شعـــــري ***  بماذا ينطق الوجه الكئيـــبُ
يموتُ الطفل في أحضـــــانِ أمٍ  *** تهدهده وقد جف الحليـــــبُ
والله سبحانه وتعالى ولينا في الدنيا وفي الآخرة ، إنه مولانا ونعم النصير ،،،،

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق