السبت، 6 مايو 2017

    القصة القصيرة    
   أهلا ياقاهرتى ياحبىِ ومعذبتىِ   
  كان في رحلة علمية الى أسبانيا لحضور مؤتمراً فى علوم الفضاء ، وهذا تخصصه الذي حصل له على الدكتوراه من أمريكا ، والقربين منه يعرفون انه أسبانى الهوى ومصرى الهوية ، يحب من مغنى اوربا خاليو كاسيوس ، ويشجع الفريق الملكي الأسبانى فى كرة القدم ( ريال مدريد) ، علماً بأنه عضواً فى النادى الأهلى القاهري ، ومع ذلك يشجع النادى الملكى ، قرأ عن أسبانيا كل ما كتب باكثر من لغة ، وتمنى لو كان أحد جنود جيش البربر بقيادة طارق بن زياد ، ويعبر معه إلى أرضها ويفتح معه الأندلس ، لنشر الحضارة الإسلامية العربية التى تجدها فى كل مكان ، ومساجد الأندلس المكان المفضل عنده لصلاة الجمعة بعد مكة المكرمة والمدينة المنورة ، ودائماً يكتب عنها ويصفها بأنها حبيبته التي تتمدد على شاطىء المحيط ، وشعرها يتدل فى مياههِ إذا ضحكت حدث أن أشرقت الشمس وبزغ القمر معاً ، فأضاءت أوربا كلها ثقافةً وفناً ، دخلها وعاش فيها الإسلام من عام 711 الى عام 1492 ميلاديا وعم العدل وعمت الحضارة كل أوربا ، والإسلام له فيها أجمل وأروع الآثار هذه قرطبة وتلك قرطاجنة وهذه بلد الوليد وطليطلة و غرناطة و القسطنطينية و سرقسطة و إشبلية ، هنا تشاهد عظمة الإسلام فى أوربا وتظل أسبانيا منارة للحضارة الإسلامية ، تشهد اوربا بفضل العرب فى العلوم والفنون ، ومثلاً هذه القصور الحمراء المطلة بعزة وشموخ على مدينة غرناطة ، وهو قد قام بزيارتها مرات عديدة كلما زار أسبانيا ، وتبهره فى كل مرة هذه الفخامة والروعة ، وفي هذه الرحلة وفى اليوم الأول للمؤتمر تعرف عليها هى دكتورة أسبانية وهي تمتاز بالبساطة والشياكة الأوربية ، وكذلك بالجمال والرقة العربية ، لها عينان لا تخطأ جمالها ، كان اليوم هو عيد ميلادها ودعاها الى حفل الأوبرا ، فالأوبرا واحدة من أجمل الأماكن التي يحرص عليها ، في كل بلد يزورها ، وبعد الحفل أقام لها فى فندق ميريدان مدريد حيث إقامته حفلاً بسيطاً لعيد ميلادها ، وهى إمرأة غزيرة الثقافة تعرف عن بيتهوفن وموتسارت وشوبان وديستوفسكى وتشايفسكى وبرناردوشو وليوناردو دافنشى وميكل أنجلو وباولو بيكاسو ، ما يجعل الحوار معها متعة لا تنتهى ، والرجل العاقل يعجبنه دائماً فى المرأة ثقافتها وأناقتها ، فالحوار بين العقول ينم على حيوية الإنسان ، ووعدته أنها سوف تأتى الي القاهرة لتشاركه عيد ميلاده ، وظل التواصل بينهما طوال وجوده فى أسبانيا وأنتهى المؤتمر وكان عليه مغادرة أسبانيا لإرتباطه بمواعيد هامه ، وفى الطائرة المتجهه الي القاهرة ، جاءته رسالة منها على هاتفه المحمول ، تقول فيها "يقابل الإنسان فى حياته الكثيرين ويمضون ، إلا القليل منهم هو من يبهرك شخصيته وأنت منهم" ، وكان رده عليها بالشكر واللقاء القريب وهو يبتسم ، وعاد الى القاهرة حبه الوحيد رغم إختلافها عن قاهرة الثمنيات والتسعينات ، فهو وإن كان يسكن في مصر الجديدة ذات الطابع البلجيكي الكلاسيكي ، إلا أن الزحام أوجد سلوكاً غريبا ، يسميه الخبراء أخلاق الزحام ، إلا أنه عندما يغادر القاهرة يشعر بأنه قد إنفصل هو عن ظله ، ولا يكتمل حضوره وشعوره بالحياة إلا بعناق جسده وظله ولا يحدث هذا إلا عند عودته للقاهرة.
   ا.د/ محمد موسى

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق